(إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً) : كثير الصدق ومبالغه في تطابق حاله وأقواله وأفعاله في حلّه وترحاله «نبيا» : رفيع المنزلة بين الصديقين فإنهم بين (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ...) (٥٧ : ١٩) ثم معصوم لا رسول ولا خليفة رسول كمريم (عليها السلام) : (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) (٥ : ٧٥) ثم خلفاء الرسول المعصومين (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) (٤ : ٦٩) ثم الرسل (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) (١٩ : ٥٦) و (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ ..) (١٢ : ٤٦) فإبراهيم نبي : رفيع المنزلة بين الصديقين الرسل فضلا عمن سواهم ، وقد يكفي «نبيا» تدليلا على رفعته بين الرسل ، إلّا ان صديقا يضيف اليه نبوة بين الصديقين الرسل فضلا عمن سواهم ، ومن نبوته الصدّيق حواره الصارم مع أبيه حيث لم يجرفه جوّ الربوة والتربية الشركية ، فلم يزلزله عن موقفه الصارم في التوحيد ودعوته.
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) (٤٢).
أبوه هذا ليس الأب الوالد ، بل هو عمّه أم جد لأمه ، فكان يربيه كأب منذ طفوليته إذ مات والده ، وهنا يوبخه باحترام ودونما اخترام : «يا أبت» (١)! سائلا عنه السبب لعبادته الأوثان من دون الله ، وأقله أن تسمع او تبصر ، ومن ثم تغني وتكفي عنه شيئا ، وأكثره أن يكون الخالق الكامل
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٧٢ ـ اخرج ابو نعيم والديلمي عن انس قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): حق الوالد على ولده ألا يسميه الا بما سمى ابراهيم أباه : يا أبت ـ ولا يسميه باسمه ـ أقول هذا لا يدل على ان أباه كان والده حيث الاحترام للوالد ومن هو بمنزلته كالعم والجد.