والرسول لا يملك وحي الله كما لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله؟!
انها لا تعني الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) فيمن تعنيه نصا ، وانما هي تأنيب على التاركين لها ، وتأديب لهم ألّا يتركوها (١) فهي لهم تصريحة وللرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) تلميحة.
ام وإذا تعنيه فيمن تعنيه فهناك بون بينه (صلّى الله عليه وآله وسلم) وبين من سواه في وعد الفعل وان جمع بينهم في «لا تقولن» نهيا على الأبدال ، حيث الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) وهو أول العابدين لا يشاء إلّا أن يشاء الله ، وكما يخاطب اهل بيت الرسالة المحمدية وهم انسان الدهر في «الإنسان ـ الدهر» : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (٧٦ : ٣٠) إذا فهو هو نفسه مشيئة الله ، لا تجد فيه إلّا (أَنْ يَشاءَ اللهُ) في عقله وصدره وقلبه وسره وخفيه وأخفاه ، في حلة وترحاله ، في فعله وأقواله.
فمهما يترك لفظة (إِنْ شاءَ اللهُ) فيما يعد السائلين دون اي تأكيد خلاف (إِنِّي فاعِلٌ) اجابة بوحي الله ، فلا يعدهم إلّا بمشيئة الله (إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً) كرسول من الله ، لا كمن يعرف الجواب دون وحي الله ، او يملك وحي الله ، وانما رسول من الله ، ما يشاء إلا ان يشاء الله.
فقد شاء فوعدهم أن يأتوه تلميحا لوعد الاجابة ، ولكنه عليه كسنة رسالية وتعليما لهذه السنة قولة (إِنْ شاءَ اللهُ) وان في لمحة ودون
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٥٥ ح ٥٥ في تفسير العياشي عن أبي جعفر (عليه السلام) ذكر ان آدم لما اسكنه الله الجنة فقال له : يا آدم لا تقرب هذه الشجرة فقال : نعم ولم يستثن فامر الله نبيّه فقال (وَلا تَقُولَنَ .. إِلَّا) ولو بعد سنة أقول فلم يكن ترك الاستثناء إذا من الرسول نفسه وهو وجه كما وفي تركه ايضا وجه ذكرناه.