وحتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ) (٧ : ١٨٨) فضلا عن أن يملك لغيره أو يملك من الله (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)!
(إِنْ شاءَ اللهُ) هي من كلمات رسل الله كما في يوسف (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) (١٢ :) ٩٩) وموسى : (قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) (١٨ : ٦٩) ويعقوب (وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٣٨ : ٢٧) وإسماعيل : (قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (٣٧ : ١٠٢).
لا فحسب رسل الله وعباده الصالحون بل وكذلك الله تعليما لعباده واعلاما ان يستمروا في قول : إن شاء الله : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ ..) (٤٨ : ٢٧).
ونحن نسمع كلمة ان شاء الله من الله نفسه فيما هو مقطوع من فعل او ترك من الله : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (١١ : ١٠٨) فرغم أن عطاء الجنة غير مجذوذ عن أهلها يستثني خلودهم بمشيئته تشريفا لها واعلاما أنها غير محصورة بشيء ولا محسورة عن شيء ـ كما وان الآلهة من دون الله لا يخاف منها قطعا ومع الوصف : (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً) (٦ : ٨٠) ولا يشاء الرب ولن ان يخاف من دونه شيء! وكما العود في ملة الشرك لمن لا يشاءها ولا سيما نبي الله ، انه من المستحيل ان يشاء الله ولكن : (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا ..) (٧ : ٨٩).
ترى ـ بعد ذلك كله ـ كيف يترك أوّل العابدين قولة (إِنْ شاءَ اللهُ) وهو يعد السائلين جوابهم عن الله ، وليس جوابهم إلّا وحيا من الله