من التيسر ، وهذه سنة دائبة للرسل ان يرسلوا بلسان قومهم ، لا فقط بلغتهم : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (١٤ : ٤) (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (٤ : ٥٨)
فالتبيين بالقرآن والتبشير والإنذار والتذكار ، كل ذلك على ضوء مثلث التيسير تأخذ مسيرها في العالمين كأوضح ما يمكن بيانا للقرآن العظيم ، الذي «فيه تبيان كل شيء» حاويا كافة المعارف الممكن التعرف إليها وحيا الى البشير النذير ، تبشيرا للمتقين وإنذارا لقوم لدّ لا يؤثر فيهم التبشير (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
(يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) بعد ان كان عسيرا في ام الكتاب : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ، وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٤٣ : ٤) تيسيرا للمحكم بتفصيل ، وتيسير ثان تفصيله باللغة العربية ، وثالث تفسيره ببيان الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) تبينا للقرآن بنفسه إذ يفسر بعضه بعضا ، وتبيينا ثانيا بسنته.
(وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) جماعات في قرون مضت قرن بعض وتلوه (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) أثرا (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) صوتا ، فلا صيت لهم ولا صوت ، وانما موت دون فوت.