ف ـ (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ ...) تحلل له زواجا وأزواجا لا تعد ، بنكاح او ملك يمين (١) ثم حرم عليه الزواج الجديد او التبديل (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ ... إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ)! و «لك» هنا من ادلة اختصاصهن به فلا تحل أزواجه من بعده لغيره : (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) ولا ما ملكت يمينه فيئا وإن لم يطأهن ، فإنهن من زوجاته بمجرد ملك اليمين ، كما المعقودة دائما او منقطعا ، فتشمل إماءه ما تشمل سائر زوجاته ك ـ (أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) وقد يحل له تحليلهن لغيره قبل ان يطأهن ، حيث الأزواج قد لا تشمل غير الموطوءات من الإماء و (ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) إنما احلّت له دون نكاح إذا أراد. ولا من (وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها) مهما طال او قصر تحقيق ارادته ، واما بنات عمه وعماته وبنات خاله وخالاته ، فهن حل لغيره قبل ان ينكحهن ، ف ـ «لك» فيهن ترجيح في زواجهن بالقرابة والهجرة ام فرض يخصه مهما نسخ القيد ان بعده ام لم ينسخ حيث (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) قريبة مهاجرة ام غريبة غير مهاجرة.
وذلك الإحلال مرتبط بتلك النبوة السنامية ، زواجا سياسيا رساليا تحكم عرى دعوته وكما في حليلة زيد دعيّه امّن هي من نساء من مختلف الأقوام ، ومحترج الظروف ومعترك الآراء ، يقصد من خلالها مصاهرة مختلف القبائل ليربط بينهم لنفسه ، تعميقا لدعوته ، وبسطا لرسالته ، ودفعا لمكايدات منهم ، فلما قضى ما عليه حرمت عليه النساء من بعد حتى
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٢٩٠ ح ١٧٥ في الكافي بسند صحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) سألته عن قول الله عز وجل : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ ..) قلت : كم أحل له من النساء؟ قال : ما شاء الله من شيء ورواه مثله عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام).