فالنفس المثقلة من اعباء الذنوب والأوزار تستغيث ولا تغاث ، طلبا في تلك الحالة البئيسة ممن يشاطرها في حملها ، فلا تهم كل نفس إلّا نفسها ، ولا تعنيها إلّا أمرها بإمرها ولا تعين أحدا كما لا تعان مهما عنت ، وعانت من حملها ، ولو كانت اولى الناس بأمرها وأقربهم التياطا به وارتباطا برفاقه ، وانتياطا بنسبه! قافلة غافلة تمضي هناك حتى تقف اما الوزان والميزان ، اللهم إلّا اهل التقوى فلهم هنالك الشفاعة الكبرى ، وليست هي حملا لوزر ، بل سماحا عنه بمؤهلاته المسرودة في الذكر الحكيم.
أنت يا رسول الهدى لست منذرا لمن لا يخشون ربهم بالغيب وهم معاندون ، إذ لا يؤثر فيهم إنذارك مهما كان إنذارك واجبا فيه اعذارك (إِنَّما تُنْذِرُ) مؤثرا فائقا (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) يخشونه بالغيب عن المشاهد ، ويخشونه وهو غيب عن المشاهد ، وخشية بغيب قلوبهم ، الظاهرة الزاهرة في المشاهد! (وَأَقامُوا الصَّلاةَ ..) كأظهر المظاهر من (يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) ـ
(وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) ف : (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ..) (١٧ : ١٥)(وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) لأهل التقوى والطغوى «وهو احكم الحاكمين».
ثم الكفر والايمان لا يستويان في اي ميزان كما الأعمى والبصير ، والظلمات والنور ، والظل والحرور ، والأحياء والأموات :
(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ)(٢٢).
وحين (ما يَسْتَوِي الْأَعْمى) عن بصره «والبصير» فباحرى لا يستوي الأعمى في قلبه عن البصير!