(إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (٢٣) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ)(٢٤).
(إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) وهذا قصر دون حصر بالنسبة لمن في القبور ، ثم هو للعالمين بشير ونذير ، حيث البشارة لا تأتي إلّا بعد النذارة لمن يتأثر بالإنذار وبينهما عموم مطلق (١) ، ثم ولست ـ فقط ـ أنت النذير :.
(وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ)(٢٤).
وتراها في هذه النذارة العامة لكل امة ، تتنافى وسلبها ككل عن كل قرية : (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) (٢٥ : ٥١)؟ ..
كلّا فان (كُلِّ قَرْيَةٍ) هي أعم من كل امة ، فرب امة تسكن في قرى عدّة ، والنذير مبعوث في أمها : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً) (٢٨ : ٥٩) وكلما كانت الرسالة أعم وأتم ، فالأم التي يبعث فيها رسولها أهم وأطم! وكما ام القرى مكة المكرمة هي أهم عاصمة من عواصم الرسالات الإلهية.
فلا تخلو امة من العالمين من الجنة والناس أجمعين وسائر المكلفين ، لا تخلو من نذير ، إما بشخصه العائش فيهم ، ام بدعوته الواصلة إليهم بمن حمّلوا رسالاتهم ، فان حملوها وبلّغوها فحجة بالغة ، وان قصروا في حملها ام لم يبلغوها فتقصير من الحملة عن الرسل دون المرسلين ، وقصور للمستضعفين.
وهل ان «نذير هو كل منذر عن الله ، برسالة او سواها؟ وليس
__________________
(١) فكل من يبشر فقد انذر قبلها ، وليس كل من ينذر يبشر بعدها حيث البشارة تخص المؤمنين.