إذا ما أظلَمنا ، ولكِن نَسأَ لُكَ عَن قَولِ اللّه تَعالى : (ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ١ فَما بالُنا نَدعو فَلا نُجابُ؟
قالَ : لِأَنَّ قُلوبَكُم خانَت بِثَمانِ خِصالٍ :
أوَّلُها : أنَّكُم عَرَفتُمُ اللّه فَلَم تُؤَدّوا حَقَّهُ كَما أوجَبَ عَلَيكُم ، فَما أغنَت عَنكُم مَعرِفَتُكُم شَيئا.
وَالثّانِيَةُ : أنَّكُم آمَنتُم بِرَسولِهِ ثُمَّ خالَفتُم سُنَّتَهُ وأمَتُّم شَريعَتَهُ ، فَأَينَ ثَمَرَةُ إيمانِكُم؟
وَالثّالِثَةُ : أنَّكُم قَرَأتُم كِتابَهُ المُنزَلَ عَلَيكُم فَلَم تَعمَلوا بِهِ ، وقُلتُم : سَمِعنا وأطَعنا ثُمَّ خالَفتُم.
وَالرّابِعَةُ : أنَّكُم قُلتُم ، إنَّكُم تَخافونَ مِنَ النّارِ ، وأنتُم في كُلِّ وَقتٍ تُقَدِّمونَ أجسامَكُم إلَيها بِمَعاصيكُم ، فَأَينَ خَوفُكُم؟
وَالخامِسَةُ : أنَّكُم قُلتُم ، إنَّكُم تَرغَبونَ فِي الجَنَّةِ ، وأنتُم في كُلِّ وَقتٍ تَفعَلونَ ما يُباعِدُكُم مِنها ، فَأَينَ رَغبَتُكُم فيها؟
وَالسّادِسَةُ : أنَّكُم أكَلتُم نِعمَةَ المَولى ولَم تَشكُروا عَلَيها.
وَالسّابِعَةُ : أنَّ اللّه أمَرَكُم بِعَداوَةِ الشَّيطانِ ، وقالَ : (إِنَّ الشَّيْطَـنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) ٢ فَعادَيتُموهُ بِلا قَولٍ ووالَيتُموهُ بِلا مُخالَفَةٍ.
وَالثّامِنَةُ : أنَّكُم جَعَلتُم عُيوبَ النّاسِ نُصبَ أعيُنِكُم ، وعُيوبَكُم وَراءَ ظُهورِكُم ، تَلومونَ مَن أنتُم أحَقُّ بِاللَّومِ مِنهُ ، فَأَيُّ دُعاءٍ يُستَجابُ لَكُم مَعَ هذا؟ وقد سَدَدتُم أبوابَهُ وطُرُقَهُ ، فَاتَّقُوا اللّه وأصلِحوا أعمالَكُم ، وأخلِصوا سَرائِرَكُم ، وَأمُروا بِالمَعروفِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. غافر : ٦١.
٢. فاطر : ٦.