١٢٩٣. الإمام الحسين عليهالسلام : كُنتُ مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليهالسلام في الطَّوافِ في لَيلَةٍ دَيجوجِيَّةٍ ١ قَليلَةِ النّورِ ، وقَد خَلاَ الطَّوافُ ، ونامَ الزُّوّارُ ، وهَدَأَتِ العُيونُ ، إذ سَمِعَ مستَغيثا مُستَجيرا مُتَرَحِّما ٢ بِصَوتٍ حَزينٍ مَحزونٍ مِن قَلبٍ موجَعٍ وهُوَ يَقولُ :
يا مَن يُجيبُ دُعَا المُضطَرِّ فِي الظُّلَمِ |
|
يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلوى مَعَ السَّقَمِ |
قَد نامَ وَفدُكَ حَولَ البَيتِ وَانتَبَهوا |
|
يَدعو وعينُكَ يا قَيّومُ لَم تَنَمِ |
هَب لي بِجودِكَ فَضلَ العَفوِ عَن جُرُمي |
|
يا مَن أشارَ إلَيهِ الخَلقُ فِي الحَرَمِ |
إن كانَ عَفوُكَ لا يَلقاهُ ذو سَرَفٍ |
|
فَمَن يَجودُ عَلَى العاصينَ بِالنِّعَمِ |
قالَ الحُسينُ بنُ عَلِيٍّ عليهالسلام : فَقالَ لي : يا أبا عَبدِ اللّه ، أسَمِعتَ المُنادِيَ ذَنبَهُ ، المُستَغيثَ رَبَّهُ؟
فَقُلتُ : نَعَم قَد سَمِعتُهُ. فَقالَ : اِعتَبِرهُ ٣ ، عَسى أن ٤ تَراهُ.
فَما زِلتُ أخبِطُ في طَخياءِ الظَّلامِ ، وأتَخَلَّلُ بَينَ النِّيامِ ، فَلَمّا صِرتُ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقامِ ، بَدا لي شَخصٌ مُنتَصِبٌ ، فَتَأَمَّلتُهُ فإِذا هُوَ قائِمٌ ، فَقُلتُ :
السَّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا العَبدُ المُقِرُّ المُستَقيلُ ، المُستَغفِرُ المُستَجيرُ ، أجِب بِاللّه ابنَ عَمِّ رَسولِ اللّه صلىاللهعليهوآله!
فَأَسرَعَ في سُجودِهِ وقُعودِهِ وسَلَّمَ ، فَلَم يَتَكَلَّم حَتّى أشارَ بِيَدِهِ بِأَن تَقَدَّمني ، فَتَقَدَّمتُهُ ، فَأَتَيتُ بِهِ أميرَ المُؤمِنينَ عليهالسلام فَقُلتُ : دونَكَ ها هُوَ.
فَنَظَرَ إلَيهِ ، فَإِذا هُوَ شابٌّ حَسَنُ الوَجهِ نَقِيُّ الثِّيابِ ، فَقالَ لَهُ : مِمَّنِ الرَّجُلُ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. دَجا الليلُ : إذا تَمّت ظُلمتُه وألبس كُلَّ شيء (النهاية : ج ٢ ص ١٠٢ «دجا»).
٢. في أحد موضعي بحار الأنوار : «مُستَرحِما» بدل «مُترَحِّما» ، وهو الأصحّ.
٣. اِعتَبِر : اُنظر وتَدَبَّر (اُنظر لسان العرب : ج ٤ ص ٥٣١ «عبر»).
٤. ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار.