هذا المذهب أهل سلطنة الأنجليز. وكثير منهم بفرنجة ، وحذرهم علماؤهم من الباب ، ومن عبّاد الأصنام ، وأن لا يبغضوا المسلمين لأنهم سيف الله في أرضه على عباد الأصنام. وبسبب ذلك لهم ميل إلى المسلمين.
وأما السبعة عشرة جزيرة ، فالسبع منها قامت على سلطان بلاد الأندلس قبل هذا العهد بنحو السبعين سنة. وما قدر عليهم حتى يئس منهم. وهم أقوى من جميع النصارى في البحر بالسفن. وكل جزيرة البحر دائر بها من كل جانب ، وهو المحيط (١٥٨). ولما دخلنا مدينة ليدا (١٥٩) رأينا فيها مدارس لقراءة العلوم. ووجدت فيها رجلا كان يقرأ بالعربية ، ويقرئ بها غيره ، ويأخذ راتبا على ذلك ، وكنت عرفته بفرنجة ، وحملني إلى داره ، وكان يتكلم معي بالعربية ، يعرب الأسماء ، ويصرف الأفعال. وكان له كتب كثيرة بالعربية ، ومن جملتها القرآن العزيز ، فأخذنا في الكلام ، وهو يثبت قوله بالتثليث في الألوهية ، لأنهم متفقون في ذلك مع الباب وأتباعهم (١٦٠). وكان يشكر ويمدح دينه كثيرا بالمدح التام لسيدنا عيسى. قلت له كلما تقول فيه من خير ومدح ، فنحن متفقون معكم فيه ، إلا قولك أنه إله ، أو ابن الله حقيقة. وذكر أيضا الروح القدس ، قلت له : الروح القدس هو البّارقليط المذكور في الإنجيل ، قال : نعم ، هو قلت له : أنت تعرف الألسن واللغات ، ما معنى البارقليط؟ قال : هي كليمة ليست من لغة اللّطين ، إنما هي من لغة اليونان ، ومعناها بالعربية شفيع. قلت له : هذا من أسماء نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهذا اسم يدل على اسم شخص ، قال : نعم قلت : ولماذا تجعلونه إلها ، وتقولون ثلاثة وواحد معنى شيء واحد.
ثم جاء رجل حكيم مشهور في الطب والعلوم قال لي : نحن عندنا القرآن مترجم باللطين ، وليس فيه معجزات لنبيكم كما عندنا في الإنجيل ، وقال : هل عندكم
__________________
(١٥٨) «ب» : وكل جزيرة من السبعة في البحر المحيط وهو داير بها من كل جانب وهو ليس بمالح كثيرا.
(١٥٩) Leyde.
«ب» : فلما دخلنا مدينة ليدا والتقينا فيها رجلا يقرأ بالعربية ويقرئ بها غيره.
(١٦٠) «ب» : مع الباب وأهل مذهبهم.