كتب في معجزات نبيكم ، قلت : عندنا وواحد من الكتب المشهورة في ذلك للقاضي عياض ، وذكرت له شيئا ، وإن عندنا في ذلك كتب كثيرة ، وكان (يعملها بحضرة أقوام كثيرة. ولما رأت الناس فضله ، وبركاته ، وصدقه في القول والفعل ، وتوحيده ، مع أنه لم يعرف يقرأ ، فدخلت الناس في دينه ، والله تبارك وتعالى ينصر الحق ، حتى أظهر دينه ، على الأديان ، وأكثر معمور الدنيا على دينه. قال الحكيم : والله إننا تمنيت نقرأ هذا الكتاب. ثم قال : هذه المعجزات فيها احتمالات ، لن كثيرا يصنعون مسائلا بواسطة الشيطان ، قلت : وليس في علمكم بما تفرقون بين المعجزة النبوية الربانية أو الشيطانية المستعملة أو بالشعوذة؟ قال لي : اذكر لي أنت كيف يعرف ذلك؟ قلت : أما النبي فلم يعمل معجزة إلا إذا طلبت منه غالبا ، وينتج منها نفع باطن وظاهر. أما الباطن : حصول اليقين في القلوب ، والصدق لما ذكر لهم (١٦١) من جانب الله تعالى ، وأمرهم به (١٦٢) ، ونهاهم عنه. وأما الظاهر يكون فيه نفع ظاهر للناس (١٦٣). مثال ذلك أن يغيث جيشا من مخلوقات الله تعالى بالماء أو بالطعام ، ولو لم يفعل ذلك لماتوا جميعا ، كما وقع لنبينا مرارا صلىاللهعليهوسلم ، فهذا نفع ظاهر ، أو يطلب المطر ، أو يشفي مريضا. وأما ما يكون مستعمل من الشيطان فإنه لا يعود النفع إلا على خاصة نفسه لا لغيره. وأما بالشعوذة فإنهم يصنعون ذلك من غير أن يطلب منهم ولا يحصل منها نفع حقيقي أبدا ، لا ظاهرا ، ولا باطنا. وهم الذين يجذبون ليروا ما يعملونه. وإذا طلبهم أحد أن يصنعوا شيئا من خوارق العادات غير الذي يظهرون ، فلا يقدرون عليها. وصاحب الشعوذة يعمل العجائب لعله بذلك يفرح الناظرين ، ويعطونه شيئا يعيش به ، ولو قيل له : علمني هذا الذي أنت تعمله وأعطيك دراهم فيعلمه حتى يكون مثله في العمل حينئذ. قال الحكيم : صدقت فيما قلت ، هذا هو الحق.
وبعض العلماء هنالك اتوني بكتاب عربي قالوا لي : أتعرف تقرأ هذا؟ فلما
__________________
(١٦١) «ب» : للناس.
(١٦٢) «ب» : وأمرهم به.
(١٦٣) «ب» : وأما الظاهر يكون النفع للناس.