واحد إلى أربعة. ودخل في قلبي الخوف والرعب من ذلك حتى خفت من الجن أن يصرعني. واشتغلت نذكر الله تعالى بلا فترة ، لعلي نتقوى بذلك ، وننجوا من الجن. وكان ذلك كل يوم ، ويضرب في البيت وفي غيره ، وإذا أكون وحدي ، ونغضب عليه ، ونضرب جهته ، يزيد في الضرب.
ورأيت أن الصبر أولا بي ، ولا كنت أدري ماذا كان مراده. ثم فهمت أنه كان يريد أن أخرج من بلاد الكفار.
وبعد أن وليت إلى بلاد المسلمين كان أيضا يعمل لي حسا يلهمني إلى الصلاة إذا نتعطل عنها ، وأيضا بعض الليالي عند السحر يضرب في البيت إلى أن أقوم ، أو نقرأ في الفراش.
وكنت متحيرا في أمره ، قلت هذا جن مومن ، ولا استعملت قط عزايم لنتخذ خديما من الجن ، ثم بان منه إذا أكون وحدي نقرأ القرآن العزيز ، وتأتيني سنة من النوم حتى يلتوي لساني بالقراءة ، فيضرب لي في البيت لنقف ونقرأ. ثم إذا جاءني النوم يضرب أيضا حتى نختم القراءة. وبعض الليالي بالسحر لا يهدى عن الضرب إلى أن أقوم ، وتارة إذا كان أحد معي في الفراش يطلق علي شيئا قليلا من التراب أو حجارة صغارا قدر الحمص ، ويضرب به قريبا من وجهي. ونأخذ الحجرة بعض المرات بيدي ، ونعرف أنه ليس مراده إلا أن أقوم نقرأ فقط. وإذا في البيت الذي بنيت فيه نجاسة خاثرة ، فيضرب ويعود للضرب حتى نخرجها. وتارة نستعمل من نفسي أن النعاس جائني ونظهر ذلك بالقراءة وهو ليس بالقرب مني لعله يضرب فلا يضرب أبدا إلا عن ابتداء النوم حقيقة. ثم تحققت منه أنه يحفظ القرآن ، فكم مرة أكون أقرأ ، ويضرب ، وننظر ماذا أقرأ ، ونرى أنه وقع مني غلط في القراءة. وكنت يوما بمدينة مراكش جالسا أترجم رسالة باللطين تتكلم على الكرة الأرضية والفلكية ، والكرتان كبيرتان ، كل واحدة في كرسي مرسوم في السماوية النجوم والثواب والبروج في الفلك ، والصور المعروفة عند المنجمين بأسمائها ، وكذلك في الأرضية ، كل مدينة معروفة في الدنيا ، والأقطار والبلدان ، والأقاليم. وكل بلد باسمه ، مكتوب عليه ، والأبحر والأنهار.
كان قد أمرني السلطان مولاي زيدان ـ رحمهالله ـ بترجمة ذلك