الكذب والباطل ، وإلى هذا تحلفون بدينكم أنكم ما زدتم قط من شرب الخمر حتى ذهب بالعقل. وتكلموا بينهم وضحكوا جميعا ، وبضحكهم اعترفوا بما رأوا من نفوسهم مرارا من الوقوع في الفتنة بكثرة الشرب ، وأخذت المرأة كأسا ووضعت فيه نقطة خمر وزادت عليه ماء كثيرا وقالت لصهرها : قل له : أي قوة للخمر مع هذا الماء؟ قلت : أما هذا الكأس ظاهر أنه ليس فيه من الخمر إلا قليلا ، وأما في بعض المرات ما يجعل معه إلا قليلا من الماء ، وضحكت كأنها اعترفت. قلت لهم : طالعت كتابا من كتبكم بالعجمية ، وقال فيه : إن في مدينة كبيرة أظن أنها بإطالية من بلاد النصارى تعين الناس حكاما لسنة كاملة ، وإذا انصرمت يجعلون غيرهم في المنصب لسنة أخرى ، وعندهم قاعدة ، وأمر معمول به : إن كل من يحكم بين الناس لا يشرب خمرا ما دام في سنته ، وهذا أمر ظاهر وباين أنهم منعوهم من شربه قليلا ولا كثيرا إلا لما فيه من المفاسد لشاربيه ، وللناس الذين يحكمون عليهم ، قالوا : هذا حق ، ولكن هو مباح إذا لم يتعدى في الشرب. قالت المرأة لصهرها : قل له : كيف أباح لكم نبيكم أن تنكحو أربع النساء ، ومنعكم الخمر. والمفهوم من كلامها واعتقادها أن الخمر يزيد قوة للجماع. قلت لها الخمر يزيد لشاربه أمراضا ونعاسا ، وشارب الما يعيش صحيحا ، قلت لهم : قرأت في الإنجيل أن النبي زكريا عليهالسلام جاء ملك من عند الله ، وقاله له : قد قبل الله دعاءك ، وامرأتك اليصبات تلد ابنا لك يدعى باسمه يوحنا ، ويكون لك فرح عظيم وتهليل كثير ، يفرحون بمولده ويكون عظيما قدام الرب لا يشرب خمرا ولا مسكرا ، قلت : هذا عندكم في الإنجيل ، قالوا : نعم ، هكذا هو ، قلت لهم : هذا الذي أخبر به الملك من عند الله تعالى أنه لا يشرب خمرا ولا مسكرا هو كمال في حق الولد أم نقصان؟ قالوا : إنما ذلك كمال فيه ، قلت لهم كذلك هو كمال في ديننا أن لا نشرب خمرا ولا مسكرا. فحينئذ أخذوا في الكلام فيما بينهم وقالوا لي : نحن رأينا رجالا من أهل دينكم ، وتكلمنا معهم ، ولم نر قط من قال لنا مثل هذا الكلام والأجوبة التي رأيناها وسمعناها منك ، قلت لهم : اعلموا أنني ترجمان سلطان مراكش ومن كان في تلك الدرجة يحتاج يقرأ في العلوم وكتب المسلمين وكتب النصارى ، ليعرف ما يقول ، وما يترجم بحضرة السلطان. وأما إذا كنت بحضرة علماء ديننا لا أقدر أتكلم في العلوم بحضرتهم. حينئذ أردت أن أقوم