طبع النار : الحرارة واليبوسة ، ولا يوسوسان الإنسان أن يعمل إلّا ما يكون من أعمال أهل النار ، والروح تستعين بالله تعالى. وقد قال إبليس ـ عند استنفاره عن السجود سيدنا آدم عليهالسلام : خلقني من نار. وحيث هي النفس والشيطان من طبع النار فهما يتبعان الإنسان ليذهب إليه معهما. ولما علم الشيطان أن ليس له قوة على الإنسان إلا ليوسوسه فقط وأن الوسوس يرده الإنسان تارة بلا تعب ، وتارة يحتاج الدعا إلى الله تعالى ، وكنت أخرج إلى بين الأشجار ، وأدعو الله تعالى أن يثبتني ، فمشى إبليس إلى صاحبي وكان أكبرهم سنا من أصحابي ، ووسوسه ، واتفق معه أن يكلمني في شأن البنت ، وكنت أخفي ما أصابني من الهم ـ بسبب البنت ـ من أصحابي ، لئلا يظهر لهم ضعف مني ، إذ كنت أقويهم أن يغلبوا نفوسهم عن النسا المحرمات ، والميل لهن. فجاءني صاحبي على وجه السر والنصح ، وقال لي : يا سيدي ، أصابني تغيير بسبب الناقصة التي رأيتها منك ، قلت له : أذكر لي ما رأيت مني لعلك تنفعني ، قال : هذه البنت ما يخفى حالها وهي تعمل الخير الكثير معنا بسبب محبتها إليك إذ هي ظاهرة ليست بخافية وأنت تعرف العادة الجارية في هذه البلاد أن الرجل يمد للبنات ويلعبها ، وليس بعيب عند أحد من هذا الناس ، وهي تقف أمامك مرارا قريبا منك تنتظر أن تلاعبها ، وأنت لا تفرحها ، ولا تشرحها. قلت في نفسي : هذا أقوى من الشيطان. قلت : يا صاحبي هذا عندنا في ديننا أمر بالمنع من ذلك. والنص هو : والتكف عن ما لا يحل لك من مال أو جسد. وهذا جسد ليس بحلال لي ، قال : لا أقول لك إلا أن تلعبها فقط ، قلت له : قال صاحب البردة :
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها |
|
إن الطعام يقوّي شهوة النّهم (٩٠) |
قال : ما معنى هذا؟ قلت : الذي يفهم من المعنى حسبما سمعت. لا تحسب أنك إذا أعطيت للنفس القليل مما تشتهي من الحرام ، إنها تقنع بذلك ، بل تزداد
__________________
(٩٠) البردة ، البيت ١٧.