كان أبوه؟ قلت : إن التي كانت أم حوى كان أبوه ، ثم قلت له : هل ترى أن قدرة الله تعالى صالحة لأكثر من ذلك أم لا؟ قال : نعم ، حينئذ قال للحاضرين من النصارى أن يشهدوا عليه أنه نصراني يأمن بكل ما في دينهم في الدار التي في رومة ، ومع ذلك أقول أن هذا الكلام الذي قاله المسلم فيه ما يسمع ، وهو كلام عظيم أو قال أكثر من ذلك ، حتى قال له الحاضرون من النصارى : لا يقبل ذلك ، فزاد عليهم هو بما بان له من الحق. وأيضا كنت ليلة بباب طبيب صيدلان ، لأن بتلك البلاد ، بل ببلاد النصارى كلها ، جميع دكاكين البيع والشراء ، لم يسدّوها إلى أن يجوز وقت العشاء الآخرة. وكان بعض النصارى في كلام معي في الدين وفي المعجزات سيدنا عيسى عليهالسلام ، قلت لهم : المعجزة هي خارقة للعادة يخلقها الله تعالى على يدي الأنبياء والصالحين. وقال واحد من العلماء الكفار : المعجزات التي ظهرت على يدي سيدنا عيسى هو كان يعملها. ورأيت بعد ذلك واحدا من أصحابي خرج من بيننا بسرعة ، فسألته بعد ذلك : لماذا خرج ، وذهب؟ قال : لأني حين سمعت النصراني يقول إن المعجزات التي ظهرت على سيدنا عيسى عليهالسلام هو عملها من دون الله خفت من الدار العالية التي كنا ببابها أن تقع علينا بسبب ما قال.
وقد قال بدرس ، الذي كتب ربع الإنجيل في رسالته في الباب الثاني في المقالة الثانية والعشرين : «يا بني إسرائيل ، عيسى النصارى ذكر مزكى من الله بينكم في معجزات ... (٩٨) عملها الله فيما بينكم على يديه كما في عملكم» ؛ انتهى.
انظر هذا القول الصريح الموافق لديننا واعتقدنا الذي قاله من كتب ربع الإنجيل بخلاف نصارى هذا الزمن. وقد مشيت إلى مدينة طلوشه (٩٩) ، وهي من المدن الكبار بفرنجة على شاطئ النهر العظيم الذي يمر منها إلى برضيوش ، وبين المدينتين نحو الثلاثة أيام. وعزمت نولّي منها إلى برضيوش على النهر في قارب وليلة قبل يوم السفر رأيت في النوم جماعة شياطين تدور بي من كل جانب ، فجعلت أقرأ : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، وأشير إليهم ، فتهرب الشياطين عني ، ثم ترجع إلي وأنا أعيد قراءة
__________________
(٩٨) بياض بالأصل.
(٩٩) Toulouse.