وجه قول أبى الحسن إن «أن» لغو كإذن ، يكون لغوا ، كما تكون هى ، وكما تكون عوامل الأسماء لغوا ، ولا يمنعها كونها لغوا من العمل فى معمولها ، كما لم تمتنع عوامل الأسماء ، كقوله تعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ) (١).
فإن قال قائل : فهلّا أجاز فى «لن» أيضا كما أجاز فى «أن» كذلك ، فإن هذا لا يلزمه ، لأن «أن» أشد تصرفا من «لن» وهى لذلك أحمل للتوسع وأجلد به.
ألا ترى أنها تدخل على الماضي والمستقبل ، وتدخل على أمثلة الأمر ، كقولك : كتبت إليه بأن قم ، وليس شىء من هذا فى «لن».
ألا ترى أنها تلزم المستقبل ولا تتجاوز عن ذلك ، إلا أن الوجه فيها مع ذلك ألّا تكون ك «إذن» لأن «إذن» إذا وقع بعدها فعل الحال ألغيت ولم تعمل فيه ، و «أن» قد عملت هنا ، فلو كانت مثل «إذن» لوجب ألا تعمل فيما بعدها من الفعل ، كما لم تعمل «إذن» إذا كان الفعل الذي بعده فعل الحال ، ألا ترى أن الاسم فى «مالك قائما» ينتصب على الحال ، فكذلك الفعل بعد «إذن» هنا فعل حال ، فلو كانت «أن» ك «إذن» لوجب ألا تعمل فى فعل الحال كما لم تعمل «إذن» فيه ، فى نحو قولك : إذا حدّثت بحديث : إذن أظنك كاذبا. وأيضا فلا يجوز أن تكون «أن» مثل «إذن» فى أن تلغى كما تلغى «إذن».
ألا ترى أن فيها من الاتساع أكثر مما فى «أن» ، تقول : أنا أقوم إذن ؛ فلا توليه فعلا. وتقول : إذن والله أقوم ، فتفصل بينه وبين الفعل.
__________________
(١) الحاقة : ٤٧.