كما لا يكون آمرا ، ألا ترى أن الدعاء لفظه كلفظ الأمر ، فيقول القائل : اللهم اغفر لي فى الأمر لى ، كقوله لصاحبه : اذهب بي. إلا أنه استعظم فى الدعاء أن يقال إنه أمر.
كما أن قولهم : صه ، بمنزلة : اسكت ؛ ومه ، بمنزلة : اكفف. كذلك فى الدعاء : آمين ، بمنزلة : استجب. وفيه ضمير مرفوع بأنه فاعل. كما أن فى سائر هذه الأسماء التي سمى بها الفعل أسماء مضمرة مرتفعة.
ويدل على ذلك ما رواه عبد الوهاب (١) عن إسماعيل بن مسلم قال : كان الحسن إذا سئل عن «آمين» قال : تفسيرها : اللهم استجب.
عبد الوهاب ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن فى «آمين» : ليكن ذلك.
ومن حيث كان دعاء كما ذكرنا ، أخفى فى قول أبى حنيفة وأصحابه فى الصلاة ولم يجهر به ، لأن المسنون فى الدعاء الإخفاء ، بدلالة قول الله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) (٢). ولما روى من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله أنه قال لقوم رافعى أصواتهم بالدعاء : إنكم لا تنادون أصمّ ولا غائبا ، وإن الذي تنادونه أقرب إليكم من رءوس مطيكم.
ومما يدل على أن هذه الأسماء المسمى بها الفعل فيها ضمير فاعل ، كما أن فى قولنا «اضرب» وما أشبهه ـ من أمثلة الأمر ـ ضمير فاعل ، أنك لما عطفت عليه المضمر المرفوع أكّدته ، كما أنك لما عطفت على الضمير
__________________
(١) هو عبد الوهاب بن عطاء الخفاف أبو نصر العجلي. وكانت وفاته سنة ٢٠٤ ه. (تهذيب التهذيب ٦ : ٤٥٠).
(٢) الأعراف : ٥٥.