وهذا يراد به قوم خاص كأبي جهل وأصحابه ، ممن لم ينفعهم الإيمان ، وليس على العموم.
فإن قلت : فإن قوله : (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) إذا كان خبرا ل «سواء» فليس في هذه الجملة ما يعود إلى المبتدأ الذي هو «سواء» ، فكيف صح وقوعه خبرا عنه؟
فالجواب : أن هذه جملة فى تقدير المفرد ، على تقدير : سواء عليهم الإنذار وترك الإنذار. ولو صرح بهذا لم يكن ليحتاج فيه إلى الضمير ، فكذا إذا وقع موقعه جملة.
وقدّر قوم أن «الإنذار» ، مبتدأ ، وترك الإنذار عطف عليه ، و «سواء» خبر.
والأول أوجه ، ولكنه على / هذا المخبر عنه مقدر ، وليس فى اللفظ. وعلى الأول المخبر عنه فى اللفظ.
ومثله : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) (١). والتقدير : سواء عليكم الدّعاء والصّموت.
ويجوز أن يكون «هدى» خبر مبتدأ مضمر ، أي : هو هدى. لأن سيبويه جوز فى المسألة المتقدمة هذا.
ومن إضمار المبتدأ قوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) (٢) والتقدير : قولوا : مسألتنا حطة ؛ أو إرادتنا حطة. فحذف المبتدأ.
وأما قوله تعالى : (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) (٣) فحمله أبو إسحاق مرة على حذف المبتدأ ، أي : لا هى فارض ولا بكر. وحمله مرة
__________________
(١) الأعراف : ١٩٣.
(٢) البقرة : ٥٨ ، والأعراف : ١٦١.
(٣) البقرة : ٦٨.