أن يجعل (عَلى) متعلقا بمحذوف فى موضع الخبر ، ولا تجعله من صلة المصدر ؛ فإذا جعلته كذلك كان خبرا للمصدر. وفيه ذكر يعود إلى المصدر ، كما أنك إذا قلت : الصلاة فى المسجد ، كان كذلك.
والمعنى فيه : أن المصدر مضاف إلى الفاعل ، ومفعول المصدر محذوف.
المعنى : إنما بغى بعضكم على بعض عائد على أنفسكم. ف «على» هذا يتعلق بالمحذوف دون المصدر المبتدأ. وهذا فى المعنى كقوله تعالى : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) (١) و (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) (٢).
وفى قوله : (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) إبانة عن هذا المعنى ، ألا ترى أن المبغىّ عليه إذا نصره الله لم ينفذ فيه بغى الباغي عليه ولا كيده ، فإذا لم ينفذ فيه صار كالعائد على الباغي. فإذا رفعت (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) على هذا التأويل كان خبر مبتدأ محذوف ، كأنك قلت : ذلك متاع الحياة الدنيا ، أو هو متاع الحياة الدنيا. ومن نصب (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) احتمل النصب فيه وجهين :
أحدهما : أن تجعل (عَلى) من صلة المصدر ، فيكون الناصب «للمتاع» هو المصدر الذي هو «البغي» ويكون خبر المبتدأ محذوفا. وحسن حذفه لطول الكلام ، ولأن (بَغْيُكُمْ) يدل على «تبغون» فيحسن الحذف لذلك. وهذا الخبر المقدّر لو أظهرته لكان يكون مذموما أو منهيّا عنه.
__________________
(١) فاطر : ٤٣.
(٢) الفتح : ١٠.