أما الوجه الأول فلأن المعنى يصير : قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به. والقتال وإن كان كبيرا فيمكن أن يكون صدا ، لأنه ينفر الناس عنه ، فلا يجوز أن يكون كفرا ، لأن أحدا من المسلمين لم يقل ذلك ، ولم يذهب إليه. فلا يجوز أن يكون خبر المبتدأ شيئا لا يكون المبتدأ ، ويمنع من ذلك أيضا بعد (وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) (١) ومحال أن يكون إخراج أهله منه أكبر من الكفر ، لأنه لا شىء أعظم منه.
ويمتنع الوجه الثاني أيضا ، لأن التقدير فيه يكون : قتال فيه كبير ، وكبير الصد عن سبيل الله والكفر به ، وكذلك مثّله الفراء وقدّره ، فإذا صار كذلك ، فكأن المعنى : وإخراج أهل المسجد الحرام أكبر عند الله من الكفر ، فيكون بعض خلال الكفر أعظم منه كله ، وإذا كان كذلك امتنع الأول ، وإذا امتنع مذان ثبت الوجه الثالث ، وهو أن يكون قوله (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ابتداء و «كفر به وإخراج أهله» معطوفان عليه ، و «أكبر» خبر. فيكون المعنى : وصد عن سبيل الله ، أي : منعهم لكم أيها المسلمون عن سبيل الله وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم ولاته ، والذين هم أحق به منهم ، وكفر بالله أكبر من قتال فى الشهر الحرام.
وأما قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ)(٢). قرئ : (وَالْأَنْصارِ) بالرفع : على أن يجعل «الأنصار» ابتداء ، ولا تجعلهم من السابقين الذين هم المهاجرون. دليل هذه القراءة قوله
__________________
(١) البقرة : ٢١٧.
(٢) التوبة : ١٠٠.