فأما قوله تعالى : (لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (١) فالتقدير عند الأخفش : ما ألهاكم التكاثر ، فأضمر لجرى ذكره فى أول السورة.
وعند غيره : لو تعلمون علم اليقين لعلمتم أنكم ستردون الجحيم فى الآخرة. دلّ على هذا الخلاف (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (٢).
فأما قوله تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٣) فالمعنى : كلا لا ينفعكم التكاثر ، فحذف.
وقوله : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ) (٤). أي : كلا لا تؤمنون.
ومن ذلك قوله تعالى : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) (٥). ثم قال : [تعالى] : (فَتابَ عَلَيْكُمْ) (٦) وأضمر «فتبتم». أي : تبتم فتاب عليكم.
ومنه قوله تعالى ، فى حذف الجملة : (وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ) (٧). أي : ويعقوب قال.
وقال عثمان (٨) : فى قوله تعالى : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) (٩) يجوز أن يرتفع «شىء» [ب «عفى» ، أو] (١٠) بفعل محذوف يدل عليه قوله
__________________
(١) التكاثر : ٥.
(٢) التكاثر : ٦.
(٣) التكاثر : ٣.
(٤) التكاثر : ٥.
(٥) البقرة : ٥٤.
(٦) البقرة : ١٣٢.
(٧) عثمان : هو أبو الفتح عثمان بن جني المتوفي سنة ٣٩٢ ه ـ ١٠٠٢ م ـ ومن كتبه : المحتسب في إعراب شواذ القراءات ، والمنصف والتصريف الملوكي.
(٨) البقرة : ١٧٨.
(٩) بمثل هذه الزيادة يستقيم الكلام. فقد ساق المؤلف رأيين ولم يذكر إلا واحدا. وهذا المذهب الذي فإنه ذكره ، هو جواز إسناد «عفى» لمرفوعه «شيء» إسنادا حقيقيا ، لأنه إذ ذاك مفعول به صريح ، أو إسنادا مجازيا إذا كان لا يتعدى. (البحر ٢ : ١٢ ـ ١٣).