«عفى» ؛ لأن معناه : ترك له شىء من أخيه ، أي من حق أخيه ، ثم حذف المضاف وقدّم الظّرف الذي هو صفة للنكرة عليها ، فانتصب على الحال فى الموضعين منها.
وهذه الآية تجاذبها باب الجملة ، وباب الإضافة ، وباب حذف حرف الجر (١) ، وباب الحال ، وستراها هناك إن شاء الله وحده.
ومن ذلك قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ... أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) (٢) تقديره : صوموا أياما معدودات ، فحذف «صوموا» لأن قوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) يدل عليه. ولا ينتصب ب «الصيام» ؛ لأن «الصيام» مصدر فلا يفصل بينه وبين أيام بالكاف المنصوبة ب «كتب» (٣) ؛ لأن التقدير : كتب عليكم الصيام كتابة مثل كتابته على الذين من قبلكم.
ومثل هذه الآية قوله تعالى : (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) (٤). والتقدير : وأحسنوا بالوالدين إحسانا ؛ فأضمر «وأحسنوا» (٥) ؛ لأن المصدر يدل عليه. والدليل عليه / قوله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) (٦).
ومنه قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً) (٧). أي : فصلّوا رجالا.
ومن إضمار الجملة قوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) (٨). والتقدير : لتستيقن ولنجعلك آية للناس.
نظيره قبله : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) (٩). تقديره : واشكروا ولأتم.
__________________
(١) يريد : باب إضمار الجمل ، وباب حذف المضاف.
(٢) البقرة : ١٨٣ و ١٨٤. والنقط إشارة إلى موضع حذف في الآيتين.
(٣) يريد قوله تعالى : (كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
(٤) البقرة : ٨٣.
(٥) في الأصل : «فأحسنوا».
(٦) البقرة : ٨٣.
(٧) البقرة : ٢٣٩.
(٨) البقرة : ٢٥٩.
(٩) البقرة : ١٥٠.