أما تشبيهه «إلا» بحرف النفي ، ومنع ما بعد «إلا» متعلقا بما قبلها كحرف النفي ، فليس كذلك. ألا ترى قوله : (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) (١) فجر «مقطوعة» حملا على ما قبل «إلا». وقال : (إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ) (٢). وقال: (إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ) (٣).
ومسألة الكتاب : مررت برجلين لا شجاع ولا جبان.
وأما قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) (٤) أنه متعلق بمحذوف حال ، وصاحب الحال (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (٥) فهو فاسد ، كسرت «إن» أو فتحت. أما الكسر فلأن ما بعد «إنّ» لا يتقدم عليه ، لأن «إنّ» تقطع ما بعدها مما قبلها. وقد ذكرنا هذا فى هذا الكتاب.
وأما فتح «أنّ» فإنه لم يقرأ به ، وهو فى تقدير المصدر ، / وما فى حيّز المصدر لا يتقدم عليه.
وقد وقعت هذه المسألة فى عدة نسخ من «التذكرة» ، وليس فيه هذا الفصل الأخير.
وإنما وقع فى تهذيب عثمان ، وهو يتكلم على مثل هذه الأشياء ، ولم يتكلم هنا بشىء ، فلا أدرى كيف سها عنه مع وضوحه؟.
__________________
(١) الواقعة : ٣٢ ، ٣٣.
(٢) البقرة : ٦٨.
(٣) البقرة : ٧١.
(٤) الحديد : ٢٢.