وليس الأمر فى «أن» كذلك لارتفاعها بالابتداء ، وإن لم يجز تقديمه فى قوله : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) (١) و (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) (٢).
ولا يستقيم أن يفصل بينهما ب «أن» يقال : إنّ «أن» الخفيفة قد ابتدئت والثقيلة لم تبتدأ.
لأنه يقال له : ارفعه بالابتداء ، وإن لم يجز تقديمه ، كما رفعت «زيدا» ونحوه بالابتداء ، وإن لم يجز أن يبتدأ بها فى أول الكلام.
وأما قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) (٣) ، فمذهب سيبويه أن فى «كاد» ضمير القصة والحديث ، وفسر بالجملة من الفعل والفاعل.
وجاز ذلك فيها وإن لم تكن مثل «كان» وبابها من الأفعال المجردة من الدلالة على الحدث ، لمشابهتها لها فى لزوم الخبر إياها.
ألا ترى أنها لا تخلو من الخبر ، كما أن تلك الأفعال كذلك.
وقد أجاز أبو الحسن فى قوله : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) (٤) أن يكون فى «كاد» ضمير ممن تقدم ، ويرفع (قُلُوبُ فَرِيقٍ) (٥) «تزيغ».
قال : وإن شئت رفعتها ، يعنى «القلوب» ب «كاد» وجعلت «تزيغ» حالا.
__________________
(١) البقرة : ١٨٤.
(٢) النور : ٦٠.
(٣) التوبة : ١١٧.