(وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى (٨)) أي : أغناك عن الإرادة والطلب ، بأن أرضاك بالفقر. ويقال : أغناك عن السؤال ، فيما أعطاك ابتداء بلا سؤال منك. ويقال : أغناك بالنبوة والكتاب.
ومن ذلك حكاية عن إبليس اللعين : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) (١). قال قوم منهم الفراء : إنى كفرت بالله ، وجعل «ما» فى مذهب ما يؤدى عن الاسم ، ويعنى من قوله : «من قبل» فى وقت آدم حين أبى السجود واستكبر.
وقال قوم التقدير : إنى كفرت اليوم بما كنتم تعبدونه لى فى الدنيا ، فحذفوا الظرف دون الجار.
وقال أبو على : تقدير «من قبل» أن يكون متعلقا ب «كفرت». المعنى : إنى كفرت من قبل بما أشركتمونى.
ألا ترى أن كفره قبل كفرهم ، وإشراكهم إياه فيه بعد ذلك.
فإذا كان كذلك علمت أن «من قبل» لا يصح أن يكون من صلة «أشركتمون».
وإذا لم يصح ذلك فيه ، ثبت أنه من صلة «كفرت».
فأما «ما» فيحتمل وجهين :
يجوز أن يكون المصدر ، فإذا كان إيّاه لم يحتج إلى عائد ، وكان التقدير : بإشراككم إياى فيه.
__________________
(١) إبراهيم : ٢٢.