وقال تعالى : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) (١) بمعنى : أدرك ولحق ؛ فالمعنى : أنهم لم يدركوا علم الآخرة ، أي : لم يعلموا حدوثها وكونها. ودل على ذلك / : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) (٢) أي : من عملها. ف «فى» بمعنى الباء ، أي : لم يدركوا علمها ، ولم ينظروا فى حقيقتها فيدركوها ، أي إدراك علمهم بحدوثها ، بل هم فى شك من حدوثها ، بل هم عن علمها عمون.
ومن ذلك قوله تعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ) (٣) أي : صاحب سقاية الحاج.
وقال عزّ من قائل : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) (٤) أي : من أهل قرية (هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) (٥) أي : أخرجك أهلها.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ) (٦) أي : تمليك مغانم ، ويراد به المفعول ، لأن الحرث لا يؤخذ (٧).
ومن ذلك : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا) (٨) [أي : تأويل الرؤيا] ؛ لأن «الرؤيا» إنما هى مخايل ترى فى المنام وليس بحديث فيحتمل الصدق والكذب. والتأويل : حديث ، فيحتمل الصدق والكذب ، و «صدق». فعل يتعدى إلى مفعولين.
ومن ذلك قوله تعالى : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ) (٩) أي : من رهبة الله. والمعنى : يرهبونكم أشد مما ترهبون الله.
__________________
(١) النمل : ٦٦.
(٢) التوبة : ١٩.
(٣) محمد : ١٣.
(٤) الفتح : ٢٠.
(٥) كلما وردت هذه العبارة ، وهي ليست متصلة بالآية السابقة بل بآية أخرى تتصل بالحرث.
(٦) الفتح : ٢٧.
(٧) الحشر : ١٣.