عظيماً ، وذلك لأنّ المنافقين كانوا مندسّين في صفوف أصحابه ، فلا يصح وعد المغفرة لكلّ من صحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ورآه وعاش معه وقلبه خال من ا لإيمان ، ولذلك قال سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحات مِنْهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْراً عظيماً) فكلمة «منهم» تعرب عن أنّ المغفرة لا تعم جميع الأصحاب بل هي مختصة بطائفة دون أُخرى.
وما ربما يقال من أنّ «من» بيانية لا تبعيضية غير تام.
لأنّ من البيانية لا تدخل على الضمير ، ويؤيد ذلك قوله : (وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلى النِّفاقِ لاتَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) (١)
والحاصل : انّه لا يمكن القول بشمول أدلة المغفرة والأجر العظيم لقاطبة من صحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أنّهم على أصناف شتى.
فمن منافق معروف ، عرّفه الذكر الحكيم بقوله : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُون) (٢)
إلى آخر مختف لا يعرفه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال سبحانه : (وَمِنْ أَهْلِ المَدينَة مَرَدُوا علَى النِّفاق لا تعلَمهم نَحنُ نَعْلَمهم)
إلى ثالث يصفهم الذكر الحكيم بمرضى القلوب ، ويقول : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلّاغُرُوراً) (٣)
إلى رابع سمّاعون لنعق كل ناعق فهم كالريشة في مهب الريح يميلون تارة
__________________
(١) التوبة : ١٠١.
(٢) المنافقون : ١.
(٣) الأحزاب : ١٢.