٢. (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَروا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدخُلُونَ الجنَّةَ حتّى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمّ الخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي المُجْرِمِين) (١) كانت العرب تمثل للشيء البعيد المنال ، بقولهم : لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب ، وحتى يبيض القار ، إلى غير ذلك من الأمثال. يقول الشاعر :
إذا شاب الغراب أتيت أهلي |
|
وصار القار كاللبن الحليب |
ولكنّه سبحانه مثل لاستحالة دخول الكافر الجنة بأنّهم يدخلون لو دخل الجمل في ثقب الإبرة ، وقال : ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط ، معبراً عن كونهم لا يدخلون الجنة أبداً.
ففي الآية تمثيل وليس لها من لفظ المثل وحرف التشبيه أثر.
٣. (وَالْبَلَدُ الطَّيّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالّذي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلّا نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الآيات لِقَوْمٍ يَشْكُرُون) (٢)
إنّ هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر فأخبر بأنّ الأرض كلّها جنس واحد ، إلا أنّ منها طيّبة تلين بالمطر ، ويحسن نباتها ويكثر ريعها ، ومنها سبخة لا تنبت شيئاً ، فإن أنبتت فممّا لا منفعة فيه ، وكذلك القلوب كلّها لحم ودم ثمّ منها لين يقبل الوعظ ومنها قاس جاف لا يقبل الوعظ ، فليشكروا الله تعالى من لانَ قلبه بذكره. (٣)
__________________
(١) الأعراف : ٤٠.
(٢) الأعراف : ٥٨.
(٣) مجمع البيان : ٢ / ٤٣٢.