الأمثلة. فهي فيما عنده أمثال كامنة ولكنّه من الواضح ان هذه العبارات القرآنية لا تدخل في باب الأمثال ، فان اشتمال العبارة على معنى ورد في مثل من الأمثال ، لا يكفي لإطلاق لفظ المثل على تلك العبارة ، فالصيغة الموروثة ركن أساسي في المثل ، لذلك نرى أنّ اصطلاح العلماء على تسمية هذه العبارات القرآنية (أمثالاً كامنة) محاولة لا تستند على دليل نصي ولا تاريخي. (١)
تفسير آخر للمثل الكامن :
ويمكن تفسير المثل الكامن بالتمثيلات التي وردت في الذكر الحكيم من دون أن يقترن بكلمة «مثل» أو «كاف» التشبيه ، ولكنّه في الواقع تمثيل رائع لحقيقة عقلية بعيدة عن الحسن المجسد بما في التمثيل من الأمر المحسوس ، ومن هذا الباب قوله سبحانه :
١. (أَفَمَنْ أسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيرٌ أَمْ مَن أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بهِ في نارِجَهَنَّم وَاللهُ لا يَهْدي القَوم الظّالِمين) (٢)
انّه سبحانه شبَّه بنيانهم على نار جهنم بالبناء على جانب نهر هذا صفته ، فكما أنّ من بنى على جانب هذا النهر فانّه ينهار بناءه في الماء ولا يثبت ، فكذلك بناء هؤلاء ينهار ويسقط في نار جهنم ، فالآية تدل على أنّه لا يستوي عمل المتقي وعمل المنافق ، فانّ عمل المؤمن المتقي ثابت مستقيم مبني على أصل صحيح ثابت ، وعمل المنافق ليس بثابت وهو واه ساقط. (٣)
__________________
(١) الصورة الفنية في المثل القرآني : ١١٨ ، نقلاً عن كتاب «الأمثال في النثر العربي القديم».
(٢) التوبة : ١٠٩.
(٣) مجمع البيان : ٣ / ٧٣.