بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ في ظُلماتٍ لا يُبْصِرُون* صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُون* أَوْكَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِفِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ المَوتِ وَاللهُ مُحيطٌ بِالكافِرين) (١)
كان المجتمع المدني يضمُّ في طياته طوائف ثلاث من اليهود وهم : بنو قينُقاع ، وبنو النضير ، وبنو قريظة ؛ وقد جبلوا على المكر والحيلة والغدر ، وكانوا يقرأون سمات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في توراتهم ، ويمرّون عليها مرار الأُمي الذي لا يجيد القراءة والكتابة ، وهذه السمة أدت إلى أن يشبّههم سبحانه بالحمار الذي يحمل أسفاراً قيمة دون أن يستفيدوا منها شيئاً ، يقول سبحانه : (مَثَلُ الّذِينَ حُمِّلُوا التَّوراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ القَومِ الَّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي القَومَ الظالِمين) (٢)
وأمّا المسلمون الذين عاصروا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فكانوا بحاجة إلى هداية إلهية تصلح أخلاقهم ، فقد كان البعض منهم ينفقون أموالهم رئاءً دون ابتغاء مرضاة الله ، أو ينفقونها بالمنِّ والأذى ، فنزل الوحي الإلهي بمثل خاص يبيّن موقف المنفق في سبيل الله والمنفق بالمن والأذى أو رئاء الناس ، قال سبحانه : (مَثَلُ الَّذينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ في سَبيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلّ سُنْبُلَةٍ مائةُ حَبّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَليم). (٣)
وقال سبحانه : (يا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا لاتُبْطِلُوا صَدقاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذى كَالّذي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ وَلا يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفوانٍ عَليه
__________________
(١) البقرة : ١٧ ـ ١٩.
(٢) الجمعة : ٥.
(٣) البقرة : ٢٦١.