من الكلام ، والله سبحانه ينفي النتيجة ، أي لا يمنعه شيء عن إبراز ما هو حق ، قال سبحانه : (فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِ مِنَ الحَقِّ) (١)
وأمّا ضرب المثل فقد مرّ الكلام فيه ، وقلنا إنّ لاستخدام كلمة «ضرب المثل» في التمثيل بالأمثال وجوهاً :
منها : أنّ ضرب المثل في الكلام يذكر لحال ما يناسبها ، فيظهر من حسنها أو قبحها ما كان خفياً ، وهو مأخوذ من ضرب الدراهم ، وهو حدوث أثر خاص فيها ، كأن ضرب المثل يقرع به اذن السامع قرعاً ينفذ أثره في قلبه ، ولا يظهر التأثير في النفس بتحقير شيء وتقبيحه إلّابتشبيهه بما جرى العرف بتحقيره ونفور النفوس منه. (٢)
البعوضة : حيوان حقير يشبه خرطومه خرطوم الفيل ، أجوف وله قوّة ماصة تسحب الدم ، وقد منح الله سبحانه هذا الحيوان قوة هضم ودفع كما منحه أُذناً وأجنحة تتناسب تماماً مع وضع معيشته ، وتتمتع بحساسية فائقة ، فهي تفر بمهارة عجيبة حين شعورها بالخطر ، وهي مع صغرها وضعفها يعجز عن دفعها كبار الحيوانات. وقد اكتشف علماء الحيوان مؤخراً انّ البعوضة قادرة على تشخيص فريستها من مسافة تقرب عن ٦٥ كيلومتراً.
قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام في حقّها : «كيف ولو اجتمع جميع حيوانها ، مناطيرها وبهائمها ، وما كان من مراحها وسائمها ، وأصناف أسناخها وأجناسها ، ومتبلدة أُممها وأكياسها ، على إحداث بعوضة ما قدرت على إحداثها ، ولا عرفت
__________________
(١) الأحزاب : ٥٣.
(٢) تفسير المراغي : ١ / ٧٠.