هذا كلّه حول المقسم به ، وأمّا المقسم عليه فهو قوله : (إنّها لإحدى الكبر)
وأمّا الصلة بين المقسم به والمقسم عليه ، فعلى التفسير الثاني من الوضوح بمكان ، حيث إنّ القمر في الليل الدامس يهدي السائرين ، كما أنّ الصبح وطروء النهار يبدّد الظلام ويظهر النور ، فناسب أن يحلف سبحانه بأسباب الهداية ، ومعادن النور ومظاهره ، بُغية إثبات أنّ القرآن لإحدى المعاجز الكبرى التي تهدي البشر إلى سبيل الرشاد.
وأمّا على التفسير الأوّل ، ورجوع الضمير إلى سقر فالمناسبة خفية ، إلّاأن يقال بأنّ المقسم به أي القمر في وسط السماء وانجلاء الليل وطلوع الفجر من آياته الكبرى كما أنّ سقراً أيضاً كذلك.
ولا يخفى انّ القسم بالقمر جاء للتأكيد على عظمته ، فهو أقرب الأجرام السماوية للأرض وأقل حجماً منها ، يدور حول الأرض مرّة كلّ شهر ، وجاذبية القمر مع جاذبية الشمس هي سبب المد والجزر.
وتبلغ درجة حرارة جانب القمر المواجه للشمس ١٢٠ درجة مئوية ، أي أعلى من درجة غليان الماء ، ودرجة حرارة الجانب المظلم أقل من درجة تجمّد الماء بقدر يبلغ ١٥٠ درجة.
كما أنّ سطحه صحاري وقفار تتناهض فيها البراكين الخامدة ، وجباله ضخمة عظيمة يبلغ ارتفاعها ٤٢ ألف قدم بزيادة تقرب من ١٣ ألف قدم عن أعلى جبل على الأرض ، وفوهات البراكين هائلة العظمة يبلغ قطر أكبرها ١٠٠ ميل ، وجباله أقدم بكثير من سلاسل الجبال الأرضية بملايين السنين. (١)
__________________
(١) الله والعلم الحديث : ٢٧.