وقد حلف غير واحد من الصحابة بغيره سبحانه ، فهذا أبو بكر بن أبي قحافة على ما يرويه مالك في موطّئه : أنّ رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر فشكا إليه أنّ عامل اليمن قد ظلمه ، فكان يصلي من الليل ، فيقول أبو بكر : «وأبيك ما ليلك بليل سارق». (١)
وهذا علي بن أبي طالب عليهالسلام قد حلف بغيره سبحانه في غير واحد من خطبه :
١. «ولعمري ما عليّ من قتال من خالف الحق وخابط الغي من إدهان ولا إيهان». (٢)
٢. «ولعمري ما تقادمت بكم ولا بهم العهود». (٣)
إلى غير ذلك من الأقسام الواردة في كلامه عليهالسلام وسائر أئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
نعم ثمة أحاديث استدل بها على المنع عن الحلف بغير الله ، غير أنّها ترمي إلى معنى آخر كما سيوافيك.
الحديث الأوّل
إنّ رسول الله سمع عمر ، وهو يقول : وأبي ، فقال : «إنّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، ومن كان حالفاً فليحلف بالله أو يسكت». (٤)
والجواب : انّ النهي عن الحلف بالآباء قد جاء لأنّهم كانوا ـ في الغالب ـ مشركين وعبدة للأوثان فلم يكن لهم حرمة ولا كرامة حتى يحلف أحد بهم ، ولأجل
__________________
(١) شرح الزرقاني على موطأ مالك : ٤ / ١٥٩ برقم ٥٨٠.
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ٢٣ و ٨٥.
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ٢٣ و ٨٥.
(٤) سنن ابن ماجة : ١ / ٢٧٧ ؛ سنن الترمذي : ٤ / ١٠٩.