(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) عام في كل من مات على كفره وإن صح نزوله في أصحاب القليب ، ويدل بمفهومه على أنه قد يغفر لمن لم يمت على كفره سائر ذنوبه.
(فَلا تَهِنُوا) فلا تضعفوا. (وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) ولا تدعوا إلى الصلح خورا وتذللا ، ويجوز نصبه بإضمار إن وقرئ «ولا تدعوا» من ادعى بمعنى دعا ، وقرئ أبو بكر وحمزة بكسر السين. (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) الأغلبون. (وَاللهُ مَعَكُمْ) ناصركم. (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) ولن يضيع أعمالكم ، من وترت الرجل إذا قتلت متعلقا به من قريب أو حميم فأفردته منه من الوتر ، شبه به تعطيل ثواب العمل وإفراده منه.
(إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ)(٣٧)
(إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) لا ثبات لها. (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) ثواب إيمانكم وتقواكم. (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) جميع أموالكم بل يقتصر على جزء يسير كربع العشر والعشر.
(إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ) فيجهدكم بطلب الكل والإحفاء والإلحاف المبالغة وبلوغ الغاية يقال : أحفى شاربه إذ استأصله. (تَبْخَلُوا) فلا تعطوا. (وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) ويضغنكم على رسول اللهصلىاللهعليهوسلم والضمير في يخرج لله تعالى ، ويؤيده القراءة بالنون أو البخل لأنه سبب الإضغان ، وقرئ «وتخرج» بالتاء والياء ورفع «أضغانكم».
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ)(٣٨)
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) أي أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون وقوله : (تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) استئناف مقرر لذلك ، أو صلة ل (هؤُلاءِ) على أنه بمعنى الذين وهو يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرهما. (فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ) ناس يبخلون وهو كالدليل على الآية المتقدمة. (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) فإن نفع الإنفاق وضر البخل عائدان إليه ، والبخل يعدى بعن وعلى لتضمنه معنى الإمساك والتعدي فإنه إمساك عن مستحق. (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) فما يأمركم به فهو لاحتياجكم إليه فإن امتثلتم فلكم وإن توليتم فعليكم. (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) عطف على (إِنْ تُؤْمِنُوا). (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) يقم مقامكم قوما آخرين. (ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) في التولي والزهد في الإيمان ، وهم الفرس لأنه سئل عليه الصلاة والسلام عنه وكان سلمان إلى جنبه فضرب فخذه وقال : «هذا وقومه» : أو الأنصار أو اليمن أو الملائكة.
عن النبي صلىاللهعليهوسلم «من قرأ سورة محمد كان حقا على الله أن يسقيه من أنهار الجنة».