المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة. (أَفَلا تُبْصِرُونَ) تنظرون نظر من يعتبر.
(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)(٢٣)
(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ) أسباب رزقكم أو تقديره. وقيل المراد ب (السَّماءِ) السحاب وبالرزق المطر فإنه سبب الأقوات. (وَما تُوعَدُونَ) من الثواب لأن الجنة فوق السماء السابعة ، أو لأن الأعمال وثوابها مكتوبة مقدرة في السماء. وقيل إنه مستأنف خبره :
(فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌ) وعلى هذا فالضمير ل (ما) وعلى الأول يحتمل أن يكون له ولما ذكر من أمر الآيات والرزق والوعد. (مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) أي مثل نطقكم كما أنه لا شك لكم في أنكم تنطقون ينبغي أن لا تشكوا في تحقق ذلك ، ونصبه على الحال من المستكن في (لَحَقٌ) أو الوصف لمصدر محذوف أي أنه لحق حقا مثل نطقكم. وقيل إنه مبني على الفتح لإضافته إلى غير متمكن وهو ما إن كانت بمعنى شيء ، وأن بما في حيزها إن جعلت زائدة ومحله الرفع على أنه صفة (لَحَقٌ) ، ويؤيده قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر بالرفع.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ)(٢٥)
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) فيه تفخيم لشأن الحديث وتنبيه على أنه أوحى إليه ، والضيف في الأصل مصدر ولذلك يطلق على الواحد والمتعدد. قيل كانوا اثني عشر ملكا. وقيل ثلاثة جبريل وميكائيل وإسرافيل ، وسماهم ضيفا لأنهم كانوا في صورة الضيف. (الْمُكْرَمِينَ) أي مكرمين عند الله أو عند إبراهيم إذ خدمهم بنفسه وزوجته.
(إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) ظرف لل (حَدِيثُ) أو ال (ضَيْفِ) أو (الْمُكْرَمِينَ). (فَقالُوا سَلاماً) أي نسلم عليك سلاما. (قالَ سَلامٌ) أي عليكم سلام عدل به إلى الرفع بالابتداء لقصد الثبات حتى تكون تحيته أحسن من تحيتهم ، وقرئا مرفوعين وقرأ حمزة والكسائي «قال سلم» وقرئ منصوبا والمعنى واحد. (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) أي أنتم قوم منكرون ، وإنما أنكرهم لأنه ظن أنهم بنو آدم ولم يعرفهم ، أو لأن السلام لم يكن تحيتهم فإنه علم الإسلام وهو كالتعرف عنهم.
(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ)(٢٨)
(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ) فذهب إليهم في خفية من ضيفه فإن من أدب المضيف أن يبادر بالقرى حذرا من أن يكفه الضيف أو يصير منتظرا. (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) لأنه كان عامة ماله البقر.
(فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ) بأن وضعه بين أيديهم. (قالَ أَلا تَأْكُلُونَ) أي منه ، وهو مشعر بكونه حنيذا ، والهمزة فيه للعرض والحث على الأكل على طريقة الأدب إن قاله أول ما وضعه ، وللإنكار إن قاله حينما رأى إعراضهم.
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) فأضمر منهم خوفا لما رأى إعراضهم عن طعامه لظنه أنهم جاءوه لشر. وقيل وقع في نفسه أنهم ملائكة أرسلوا للعذاب. (قالُوا لا تَخَفْ) إنا رسل الله. قيل مسح جبريل العجل بجناحه فقام يدرج حتى لحق بأمه فعرفهم وأمن منهم. (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ) هو اسحق عليهالسلام. (عَلِيمٍ) يكمل علمه إذ بلغ.
(فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ