(بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) حاجز من قدرة الله تعالى أو من الأرض. (لا يَبْغِيانِ) لا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة وإبطال الخاصية ، أو لا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ(٢٣) وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ)(٢٤)
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) كبار الدر وصغاره ، وقيل المرجان الخرز الأحمر ، وإن صح أن الدر يخرج من الملح فعلى الأول إنما قال منهما لأنه مخرج من مجتمع الملح والعذب ، أو لأنهما لما اجتمعا صارا كالشيء الواحد فكأن المخرج من أحدهما كالمخرج منهما. وقرأ نافع وأبو عمرو ويعقوب (يَخْرُجُ) ، وقرئ «نخرج» و «يخرج» بنصب (اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ).
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وَلَهُ الْجَوارِ) أي السفن جمع جارية ، وقرئ بحذف الياء ورفع الراء كقوله:
لها ثنايا أربع حسان |
|
وأربع فكلها ثمان |
(الْمُنْشَآتُ) المرفوعات الشرع ، أو المصنوعات وقرأ حمزة وأبو بكر بكسر الشين أي الرافعات الشرع ، أو اللاتي ينشئن الأمواج أو السير. (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) كالجبال جمع علم وهو الجبل الطويل.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٥) كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ)(٢٧)
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) من خلق مواد السفن والإرشاد إلى أخذها وكيفية تركيبها وإجرائها في البحر بأسباب لا يقدر على خلقها وجمعها غيره.
(كُلُّ مَنْ عَلَيْها) من على الأرض من الحيوانات أو المركبات و (مَنْ) للتغليب ، أو من الثقلين. (فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) ذاته ولو استقريت جهات الموجودات وتفحصت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حد ذاتها إلا وجه الله أي الوجه الذي يلي جهته. (ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) ذو الاستغناء المطلق والفضل العام.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٨) يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٣٠)
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي مما ذكرنا قبل من بقاء الرب وإبقاء ما لا يحصى مما هو على صدد الفناء رحمة وفضلا ، أو مما يترتب على فناء الكل من الإعادة والحياة الدائمة والنعيم المقيم.
(يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فإنهم مفتقرون إليه في ذواتهم وصفاتهم وسائر ما يهمهم ، ويعن لهم والمراد بالسؤال ما يدل على الحاجة إلى تحصيل الشيء في ذواتهم وصفاتهم نطقا كان أو غيره. (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) كل وقت يحدث أشخاصا ويجدد أحوالا على ما سبق به قضاؤه ، وفي الحديث «من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين». وهو رد لقول اليهود إن الله لا يقضي يوم السبت شيئا.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي مما يسعف به سؤالكما وما يخرج لكما من مكمن العدم حينا فحينا.
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٢) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ)(٣٣)
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) أي سنتجرد لحسابكم وجزائكم وذلك يوم القيامة ، فإنه تعالى لا يفعل فيه