مخافة أن يشاركه في العذاب ولم ينفعه ذلك كما قال.
(فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) والمراد من الإنسان الجنس. وقيل أبو جهل قال له إبليس يوم بدر (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) الآية. وقيل راهب حمله على الفجور والارتداد وقرئ «عاقبتهما» و «خالدان» على أنه خبر إن و (فِي النَّارِ) لغو.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١٩) لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ)(٢٠)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ليوم القيامة سماه به لدنوه أو لأن الدنيا كيوم والآخرة كغده ، وتنكيره للتعظيم وأما تنكير النفس فلاستقلال الأنفس النواظر فيما قدمن للآخرة كأنه قال :
فلتنظر نفس واحدة في ذلك. (وَاتَّقُوا اللهَ) تكرير للتأكيد ، أو الأول في أداء الواجبات لأنه مقرون بالعمل والثاني في ترك المحارم لاقترانه بقوله : (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) وهو كالوعيد على المعاصي.
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ) نسوا حقه. (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) فجعلهم ناسين لها حتى لم يسمعوا ما ينفعها ولم يفعلوا ما يخلصها ، أو أراهم يوم القيامة من الهول ما أنساهم أنفسهم. (أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) الكاملون في الفسوق.
(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) الذين استكملوا نفوسهم فاستأهلوا للجنة والذين استمهنوها فاستحقوا النار ، واحتج به أصحابنا على أن المسلم لا يقتل بالكافر. (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) بالنعيم المقيم.
(لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ)(٢٢)
(لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) تمثيل وتخييل كما مر في قوله : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ) ولذلك عقبه بقوله : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) فإن الإشارة إليه وإلى أمثاله. والمراد توبيخ الإنسان على عدم تخشعه عند تلاوة القرآن لقساوة قلبه وقلة تدبره ، والتصدع التشقق. وقرئ «مصدعا» على الإدغام.
(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) ما غاب عن الحس من الجواهر القدسية وأحوالها ، وما حضر له من الأجرام وأعراضها ، وتقديم (الْغَيْبِ) لتقدمه في الوجود وتعلق العلم القديم به ، أو المعدوم والموجود ، أو السر والعلانية. وقيل الدنيا والآخرة. (هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ).
(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣) هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٢٤)
(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) البالغ في النزاهة عما يوجب نقصانا. وقرئ بالفتح وهو لغة فيه. (السَّلامُ) ذو السلامة من كل نقص وآفة ، مصدر وصف به للمبالغة. (الْمُؤْمِنُ) واهب الأمن ،