(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥) سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ)(٦)
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) عطفوها إعراضا واستكبارا عن ذلك ، وقرأ نافع بتخفيف الواو. (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) يعرضون عن الاستغفار. (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) عن الاعتذار.
(سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) لرسوخهم في الكفر. (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) الخارجين عن مظنة الاستصلاح لانهماكهم في الكفر والنفاق.
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)(٨)
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ) أي للأنصار. (لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) يعنون فقراء المهاجرين. (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بيده الأرزاق والقسم. (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) ذلك لجهلهم بالله.
(يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) روي أن أعرابيا نازع أنصاريا في بعض الغزوات على ماء ، فضرب الأعرابي رأسه بخشبة ، فشكى إلى ابن أبيّ فقال : لا تنفقوا على من عند رسول اللهصلىاللهعليهوسلم حتى ينفضوا ، وإذا رجعنا إلى المدينة فليخرجن الأعز منها الأذل ، عنى بالأعز نفسه وبالأذل رسول اللهصلىاللهعليهوسلم. وقرئ «ليخرجن» بفتح الياء و «ليخرجن» على بناء المفعول و «لنخرجن» بالنون ، ونصب «الأعز» و «الأذل» على هذه القراءات مصدر أو حال على تقدير مضاف كخروج أو إخراج أو مثل. (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ولله الغلبة والقوة ولمن أعزه من رسوله والمؤمنين. (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) من فرط جهلهم وغرورهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(١١)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) لا يشغلكم تدبيرها والاهتمام بها عن ذكره كالصلوات وسائر العبادات المذكرة للمعبود ، والمراد نهيهم عن اللهو بها. وتوجيه النهي إليها للمبالغة ولذا قال : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي اللهو بها وهو الشغل. (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) لأنهم باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني.
(وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ) بعض أموالكم ادخارا للآخرة. (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) أي يرى دلائله (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي) هلا أمهلتني. (إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) أمد غير بعيد. (فَأَصَّدَّقَ) فأتصدق. (وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) بالتدارك ، وجزم (أَكُنْ) للعطف على موضع الفاء وما بعده ، وقرأ أبو عمرو «وأكون» منصوبا عطفا على «فأصدق» ، وقرئ بالرفع على وأنا أكون فيكون عدة بالصلاح.