(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) كافتة اسم لما يكفت أي يضم ويجمع كالضمام والجماع اسم لما يضم ويجمع ، أو مصدر نعت به أو جمع كافت كصائم وصيام ، أو كفت وهو الوعاء أجرى على الأرض باعتبار أقطارها.
(أَحْياءً وَأَمْواتاً) منتصبان على المفعولية وتنكيرهما للتفخيم ، أو لأن أحياء الإنس وأمواتهم بعض الأحياء والأموات ، أو الحالية من مفعوله المحذوف للعلم به وهو الإنس ، أو بنجعل على المفعولية و (كِفاتاً) حال أو الحالية فيكون المعنى بالأحياء ما ينبت وبالأموات ما لا ينبت.
(وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ) جبالا ثوابت طوالا والتنكير للتفخيم ، أو الإشعار بأن فيها ما لم يعرف ولم ير (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) بخلق الأنهار والمنابع فيها.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بأمثال هذه النعم.
(انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) (٣١)
(انْطَلِقُوا) أي يقال لهم انطلقوا. (إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) من العذاب.
(انْطَلِقُوا) خصوصا وعن يعقوب (انْطَلِقُوا) على الأخبار عن امتثالهم للأمر اضطرارا. (إِلى ظِلٍ) يعني ظل دخان جهنم كقوله تعالى : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ). (ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) يتشعب لعظمه كما ترى الدخان العظيم يتفرق تفرق الذوائب ، وخصوصية الثلاث إما لأن حجاب النفس عن أنوار القدس الحس والخيال والوهم ، أو لأن المؤدي إلى هذا العذاب هو القوة الواهمة الحالية في الدماغ والغضبية التي في يمين القلب والشهوية التي في يساره ، ولذلك قيل شعبة تقف فوق الكافر وشعبة عن يمينه وشعبة عن يساره.
(لا ظَلِيلٍ) تهكم بهم ورد لما أوهم لفظ الظل. (وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) وغير مغن عنهم من حر اللهب شيئا.
(إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ)(٣٣)
(إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) أي كل شرارة (كَالْقَصْرِ) في عظمها ، ويؤيده أنه قرئ «بشرار» ، وقيل هو جمع قصرة وهي الشجرة الغليظة ، وقرئ «كالقصر» بمعنى القصور كرهن ورهن و «كالقصر» جمع قصرة كحاجة وحوج ، و «كالقصر» جمع قصرة وهي أصل العنق والهاء للشعب.
كأنّه جمالات جمع جمال أو جمالة جمع جمل. (صُفْرٌ) فإن الشرار بما فيه من النارية يكون أصفر ، وقيل سود لأن سواد الإبل يضرب إلى الصفرة ، والأول تشبيه في العظم وهذا في اللون والكثرة والتتابع والاختلاط وسرعة الحركة ، وقرأ حمزة والكسائي وحفص (جِمالَتٌ) وعن يعقوب جمالات بالضم جمع جمالة ، وقد قرئ بها وهي الحبل الغليظ من حبال السفينة شبهه بها في امتداده والتفافه.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)(٣٧)
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) أي بما يستحق فإن النطق بما لا ينفع كلا نطق ، أو بشيء من فرط الدهشة والحيرة وهذا في بعض المواقف ، وقرئ بنصب ال (يَوْمُ) أي هذا الذي ذكر واقع يومئذ.