(النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ)(٧)
(النَّارِ) بدل من (الْأُخْدُودِ) بدل الاشتمال. (ذاتِ الْوَقُودِ) صفة لها بالعظمة وكثرة ما يرتفع به لهبها ، واللام في (الْوَقُودِ) للجنس.
(إِذْ هُمْ عَلَيْها) على حافة النار. (قُعُودٌ) قاعدون.
(وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) يشهد بعضهم لبعض عند الملك بأنهم لم يقصروا فيما أمروا به ، أو يشهدون على ما يفعلون يوم القيامة حين تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم.
(وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(٩)
(وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ) وما أنكروا. (إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) استثناء على طريقة قوله :
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم |
|
بهن فلول من قراع الكتائب |
ووصفه بكونه عزيزا غالبا يخشى عقابه حميدا منعما يرجى ثوابه وقرر ذلك بقوله :
(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) للإشعار بما يستحق أن يؤمن به ويعبد.
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)(١١)
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) بلوهم بالأذى. (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ) بكفرهم. (وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) العذاب الزائد في الإحراق بفتنتهم. بل المراد ب (الَّذِينَ فَتَنُوا)(أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) وب (عَذابُ الْحَرِيقِ) ما روي أن النار انقلبت عليهم فأحرقتهم.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) إذ الدنيا وما فيها تصغر دونه.
(إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ)(١٦)
(إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) مضاعف عنفه فإن البطش أخذ بعنف.
(إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ يُبْدِئُ) الخلق ويعيده ، أو (يُبْدِئُ) البطش بالكفرة في الدنيا ويعيده في الآخرة.
(وَهُوَ الْغَفُورُ) لمن تاب. (الْوَدُودُ) المحب لمن أطاع.
(ذُو الْعَرْشِ) خالقه ، وقيل المراد ب (الْعَرْشِ) الملك ، وقرئ «ذي العرش» صفة ل (رَبِّكَ).
(الْمَجِيدُ) العظيم في ذاته وصفاته ، فإنه واجب الوجود تام القدرة والحكمة ، وجره حمزة والكسائي صفة ل (رَبِّكَ) ، أو ل (الْعَرْشِ) ومجده علوه وعظمته.
(فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) لا يمتنع عليه مراد من أفعاله وأفعال غيره.