(قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) إبداء للمانع وقوله : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) دليل عليه وقد سبق الكلام فيه.
(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)(٨١)
(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها) من الجنة أو من السماء ، أو من الصورة الملكية. (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) مطرود من الرحمة ومحل الكرامة.
(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) مر بيانه في «الحجر».
(قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ(٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)(٨٥)
(قالَ فَبِعِزَّتِكَ) فبسلطانك وقهرك. (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) الذين أخلصهم الله لطاعته وعصمهم من الضلالة ، أو أخلصوا قلوبهم لله على اختلاف القراءتين.
(قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) أي فأحق الحق وأقوله ، وقيل «الحق» الأول اسم الله نصبه بحذف حرف القسم كقوله : إنّ عليك الله أن تبايعا.
وجوابه (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) وما بينهما اعتراض وهو على الأول جواب محذوف والجملة تفسير ل (الْحَقَ) المقول ، وقرأ عاصم وحمزة برفع الأول على الابتداء أي الحق يميني أو قسمي ، أو الخبر أي أنا (الْحَقَ) ، وقرئا مرفوعين على حذف الضمير من أقول كقوله : كله لم أصنع. ومجرورين على إضمار حرف القسم في الأول وحكاية لفظ المقسم به في الثاني للتأكيد ، وهو سائغ فيه إذا شارك الأول وبرفع الأول وجره ونصب الثاني وتخريجه على ما ذكرناه ، والضمير في منهم للناس إذ الكلام فيهم والمراد بمنك من جنسك ليتناول الشياطين ، وقيل للثقلين وأجمعين تأكيد له أو للضميرين.
(قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٨٧) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ)(٨٨)
(قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) أي على القرآن أو تبليغ الوحي. (وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) المتصفين بما ليسوا من أهله على ما عرفتم من حالي فأنتحل النبوة ، وأتقول القرآن.
(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) عظة. (لِلْعالَمِينَ) للثقلين. (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ) وهو ما فيه من الوعد والوعيد ، أو صدقه بإتيان ذلك. (بَعْدَ حِينٍ) بعد الموت أو يوم القيامة أو عند ظهور الإسلام وفيه تهديد.
وعن النبي صلىاللهعليهوسلم «من قرأ سورة (ص) كان له بوزن كل جبل سخره الله لداود عشر حسنات ، وعصمه الله أن يصر على ذنب صغير أو كبير».