مُتَشابِهاً) بدل من (أَحْسَنَ) أو حال منه ، وتشابهه تشابه أبعاضه في الإعجاز وتجاوب النظم وصحة المعنى والدلالة على المنافع العامة. (مَثانِيَ) جمع مثنى أو مثنى أو مثن على ما مر في «الحجر» ، وصف به كتابا باعتبار تفاصيله كقولك : القرآن سور وآيات ، والإنسان : عظام وعروق وأعصاب ، أو جعل تمييزا من (مُتَشابِهاً) كقولك : رأيت رجلا حسنا شمائله. (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) تشمئز خوفا مما فيه من الوعيد ، وهو مثل في شدة الخوف واقشعرار الجلد تقبضه وتركيبه من حروف القشع وهو الأديم اليابس بزيادة الراء ليصير رباعيا كتركيب اقمطر من القمط وهو الشد. (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) بالرحمة وعموم المغفرة ، والإطلاق للإشعار بأن أصل أمره الرحمة وأن رحمته سبقت غضبه ، والتعدية ب (إِلى) لتضمين معنى السكون والاطمئنان ، وذكر القلوب لتقدم الخشية التي هي من عوارضها. (ذلِكَ) أي الكتاب أو الكائن من الخشية والرجاء. (هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ) هدايته. (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) ومن يخذله. (فَما لَهُ مِنْ هادٍ) يخرجهم من الضلال.
(أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٥) فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)(٢٦)
(أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ) يجعله درقة يقي به نفسه لأنه يكون يداه مغلولة إلى عنقه فلا يقدر أن يتقي إلا بوجهه. (سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) كمن هو آمن منه ، فحذف الخبر كما حذف في نظائره.
(وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ) أي لهم فوضع الظاهر موضعه تسجيلا عليهم بالظلم وإشعارا بالموجب لما يقال لهم وهو : (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) أي وباله ، والواو للحال وقد مقدرة.
(كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) من الجهة التي لا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها.
(فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ) الذل. (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) كالمسخ والخسف والقتل والسبي والإجلاء. (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ) المعد لهم. (أَكْبَرُ) لشدته ودوامه. (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) لو كانوا من أهل العلم والنظر لعلموا ذلك واعتبروا به.
(وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)(٢٨)
(وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) يحتاج إليه الناظر في أمر دينه. (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) يتعظون به.
(قُرْآناً عَرَبِيًّا) حال من هذا والاعتماد فيها على الصفة كقولك : جاءني زيد رجلا صالحا ، أو مدح له. (غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) لا اختلال فيه بوجه ما ، وهو أبلغ من المستقيم وأخص بالمعاني. وقيل بالشك استشهادا بقوله :
وقد أتاك يقين غير ذي عوج |
|
من الإله وقول غير مكذوب |
وهو تخصيص له ببعض مدلوله. (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) علة أخرى مرتبة على الأولى.
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ