(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى) ما يهتدى به في الدين من المعجزات والصحف والشرائع. (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) وتركنا عليهم بعده من ذلك التوراة.
(هُدىً وَذِكْرى) هداية وتذكرة أو هاديا ومذكرا. (لِأُولِي الْأَلْبابِ) لذوي العقول السليمة.
(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ)(٥٥)
(فَاصْبِرْ) على أذى المشركين. (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) بالنصر لا يخلفه ، واستشهد بحال موسى وفرعون. (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) وأقبل على أمر دينك وتدارك فرطاتك بترك الأولى والاهتمام بأمر العدا بالاستغفار ، فإنه تعالى كافيك في النصر إظهار الأمر. (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) ودم على التسبيح والتحميد لربك. وقيل صلّ لهذين الوقتين ، إذ كان الواجب بمكة ركعتين بكرة وركعتين عشيّا.
(إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(٥٦)
(إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ) عام في كل مجادل مبطل وإن نزل في مشركي مكة أو اليهود حين قالوا : لست صاحبنا بل هو المسيح بن داود يبلغ سلطانه البر والبحر وتسير معه الأنهار. (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) إلا تكبر عن الحق وتعظم عن التفكر والتعلم ، أو إرادة الرياسة أو أن النبوة والملك لا يكونان إلا لهم. (ما هُمْ بِبالِغِيهِ) ببالغي دفع الآيات أو المراد. (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) فالتجئ إليه. (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) لأقوالكم وأفعالكم.
(لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ)(٥٨)
(لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) فمن قدر على خلقها مع عظمها أولا من غير أصل قدر على خلق الإنسان ثانيا من أصل ، وهو بيان لأشكل ما يجادلون فيه من أمر التوحيد. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) لأنهم لا ينظرون ولا يتأملون لفرط غفلتهم واتباعهم أهواءهم.
(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) الغافل والمستبصر. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ) والمحسن والمسيء فينبغي أن يكون لهم حال يظهر فيها التفاوت ، وهي فيما بعد البعث وزيادة لا في المسيء لأن المقصود نفي مساواته للمحسن فيما له من الفضل والكرامة ، والعاطف الثاني عطف الموصول بما عطف عليه على (الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) لتغاير الوصفين في المقصود ، أو الدلالة بالصراحة والتمثيل. (قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ) أي تذكرا ما قليلا يتذكرون ، والضمير للناس أو الكفار. وقرأ الكوفيون بالتاء على تغليب المخاطب ، أو الالتفات أو أمر الرسول بالمخاطبة.
(إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (٥٩) وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)(٦٠)
(إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) في مجيئها لوضوح الدلالة على جوازها وإجماع الرسل على الوعد بوقوعها. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) لا يصدقون بها لقصور نظرهم على ظاهر ما يحسون به.
(وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي) اعبدوني. (أَسْتَجِبْ لَكُمْ) أثبكم لقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي