(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦٧) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٦٨)
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) أطفالا ، والتوحيد لإرادة الجنس أو على تأويل كل واحد منكم. (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) اللام فيه متعلقة بمحذوف تقديره : ثم يبقيكم لتبلغوا وكذا في قوله : (ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً) ويجوز عطفه على (لِتَبْلُغُوا) وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص وهشام (شُيُوخاً) بضم الشين. وقرئ «شيخا» كقوله (طِفْلاً). (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ) من قبل الشيخوخة أو بلوغ الأشد. (وَلِتَبْلُغُوا) ويفعل ذلك لتبلغوا : (أَجَلاً مُسَمًّى) هو وقت الموت أو يوم القيامة. (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ما في ذلك من الحجج والعبر.
(هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً) فإذا أراده. (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فلا يحتاج في تكوينه إلى عدة وتجشم كلفة ، والفاء الأولى للدلالة على أن ذلك نتيجة ما سبق من حيث إنه يقتضي قدرة ذاتية غير متوقفة على العدد والمواد.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(٧٠)
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ) عن التصديق به وتكرير ذم المجادلة لتعدد المجادل ، أو المجادل فيه ، أو للتأكيد.
(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ) بالقرآن أو بجنس الكتب السماوية. (وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا) من سائر الكتب أو الوحي والشرائع. (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) جزاء تكذيبهم.
(إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ)(٧٤)
(إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) ظرف ل (يَعْلَمُونَ) إذ المعنى على الاستقبال ، والتعبير بلفظ المضي لتيقنه. (وَالسَّلاسِلُ) عطف على (الْأَغْلالُ) أو مبتدأ خبره. (يُسْحَبُونَ).
(فِي الْحَمِيمِ) والعائد محذوف أي يسحبون بها ، وهو على الأول حال. وقرئ «والسلاسل يسحبون» بالنصب وفتح الياء على تقديم المفعول وعطف الفعلية على الاسمية ، (وَالسَّلاسِلُ) بالجر حملا على المعنى (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) بمعنى أعناقهم في الأغلال ، أو إضمارا للباء ويدل عليه القراءة به. (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) يحرقون من سجر التنور إذا ملأه بالوقود ، ومنه السجير للصديق كأنه سجر بالحب أي ملئ. والمراد أنهم يعذبون بأنواع من العذاب وينقلون من بعضها إلى بعض.
(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ) ، (مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) غابوا عنا وذلك قبل أن تقرن بهم آلهتهم ، أو ضاعوا عنا فلم نجد ما كنا نتوقع منهم. (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) أي بل تبين لنا أنا لم نكن نعبد شيئا بعبادتهم فإنهم ليسوا شيئا يعتد به كقولك : حسبته شيئا فلم يكن. (كَذلِكَ) مثل ذلك الضلال. (يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) حتى لا يهتدوا إلى شيء ينفعهم في الآخرة ، أو يضلهم عن آلهتهم حتى لو