عروة له. (وَفِيها) وفي الجنة ما تشتهي الأنفس وقرأ نافع وابن عامر وحفص (تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ) على الأصل. (وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) بمشاهدته وذلك تعميم بعد تخصيص ما يعد من الزوائد في التنعم والتلذذ. (وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) فإن كل نعيم زائل موجب لكلفة الحفظ وخوف الزوال ومستعقب للتحسر في ثاني الحال.
(وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ)(٧٣)
(وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وقرأ ورثتموها ، شبه جزاء العمل بالميراث لأنه يخلفه عليه العامل ، وتلك إشارة إلى الجنة المذكورة وقعت مبتدأ والجنة خبرها ، و (الَّتِي أُورِثْتُمُوها) صفتها أو (الْجَنَّةُ) صفة (تِلْكَ) و (الَّتِي) خبرها أو صفة (الْجَنَّةُ) والخبر (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، وعليه يتعلق الباء بمحذوف لا ب (أُورِثْتُمُوها).
(لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ) بعضها تأكلون لكثرتها ودوام نوعها ، ولعل تفصيل التنعم بالمطاعم والملابس وتكريره في القرآن وهو حقير بالإضافة إلى سائر نعائم الجنة لما كان بهم من الشدة والفاقة.
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ)(٧٦)
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ) الكاملين في الإجرام وهم الكفار لأنه جعل قسيم المؤمنين بالآيات ، وحكى عنهم ما يخص بالكفار. (فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ) خبر إن أو خالدون خبر والظرف متعلق به.
(لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ) لا يخفف عنهم من فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلا والتركيب للضعف. (وَهُمْ فِيهِ) في العذاب (مُبْلِسُونَ) آيسون من النجاة.
(وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) مر مثله غير مرة وهم فصل.
(وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)(٧٨)
(وَنادَوْا يا مالِكُ) وقرئ «يا مال» على الترخيم مكسورا ومضموما ، ولعله إشعار بأنهم لضعفهم لا يستطيعون تأدية اللفظ بالتمام ولذلك اختصروا فقالوا : (لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) والمعنى سل ربنا أن يقضي علينا من قضى عليه إذا أماته ، وهو لا ينافي إبلاسهم فإنه جؤار وتمن للموت من فرط الشدة (قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) لا خلاص لكم بموت ولا بغيره.
(لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِ) بالإرسال والإنزال ، وهو تتمة الجواب إن كان في (قالَ) ضمير الله وإلا فجواب منه فكأنه تعالى تولى جوابهم بعد جواب مالك. (وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) لما في اتباعه من إتعاب النفس وآداب الجوارح.
(أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)(٨٠)
(أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً) في تكذيب الحق ورده ولم يقتصروا على كراهته. (فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) أمرا في مجازاتهم والعدول عن الخطاب للإشعار بأن ذلك أسوأ من كراهتهم ، أو أم أحكم المشركون أمرا من كيدهم بالرسول