(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)(٦٩)
____________________________________
ما توهموه من قبله على أبلغ وجه وآكده بإخراجه مخرج ما لا مكروه وراءه بالاستعاذة منه استفظاعا له واستعظاما لما أقدموا عليه من العظيمة التى شافهوه عليهالسلام بها (قالُوا) استئناف كما مر كأنه قيل فماذا قالوا بعد ذلك فقيل توجهوا نحو الامتثال وقالوا (ادْعُ لَنا) أى لأجلنا (رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) ما مبتدأ وهى خبره والجملة فى حيز النصب يبين أى يبين لنا جواب هذا السؤال وقد سألوا عن حالها وصفتها لما قرع أسماعهم ما لم يعهدوه من بقرة ميتة يضرب ببعضها ميت فيحيا فإن ما وإن شاعت فى طلب مفهوم الاسم والحقيقة كما فى ما الشارحة والحقيقة لكنها قد يطلب بها الصفة والحال تقول ما زيد فيقال طبيب أو عالم وقيل كان حقه أن يستفهم بأى لكنهم لما رأوا ما أمروا به على حالة مغايرة لما عليه الجنس أخرجوه عن الحقيقة فجعلوه جنسا على حياله (قالَ) أى موسى عليهالسلام بعد ما دعا ربه عزوجل بالبيان وأتاه الوحى (إِنَّهُ) تعالى (يَقُولُ إِنَّها) أى البقرة المأمور بذبحها (بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) أى لا مسنة ولا فتية يقال فرضت البقرة فروضا أى أسنت من الفرض بمعنى القطع كأنها قطعت سنها وبلغت آخرها وتركيب البكر للأولية ومنه البكرة والباكورة (عَوانٌ) أى نصف لا قحم ولا ضرع قال[طوال مثل أعناق الهوادى نواعم بين أبكار وعون] (بَيْنَ ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر من الفارض والبكر ولذلك أضيف إليه بين لاختصاصه بالإضافة إلى المتعدد (فَافْعَلُوا) أمر من جهة موسى عليهالسلام متفرع على ما قبله من بيان صفة المأمور به (ما تُؤْمَرُونَ) أى ما تؤمرونه بمعنى تؤمرون به كما فى قوله [أمرتك الخير فافعل ما أمرت به] فإن حذف الجار قد شاع فى هذا الفعل حتى لحق بالأفعال المتعدية إلى مفعولين وهذا الأمر منه عليهالسلام لحثهم على الامتثال وزجرهم عن المراجعة ومع ذلك لم يقتنعوا به وقوله تعالى (قالُوا) استئناف كما مر كأنه قيل ماذا صنعوا بعد هذا البيان الشافى والأمر المكرر فقيل قالوا (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها) حتى يتبين لنا البقرة المأمور بها (قالَ) أى موسى عليهالسلام بعد المناجاة إلى الله تعالى ومجىء البيان (إِنَّهُ) تعالى (يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) إسناد البيان فى كل مرة إلى الله عزوجل لإظهار كمال المساعدة فى إجابة مسئولهم بقولهم يبين لنا وصيغة الاستقبال لاستحضار الصورة والفقوع نصوع الصفرة وخلوصها ولذلك يؤكد به ويقال أصفر فاقع كما يقال أسود حالك وأحمر قانىء وفى إسناده إلى اللون مع كونه من أحوال الملون لملابسته به ما لا يخفى من فضل تأكيد كأنه قيل صفراء شديد الصفرة صفرتها كما فى جد جده وعن الحسن رضى الله عنه سوداء شديدة السواد وبه فسر قوله تعالى