(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(٢٨٠) وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢٨١)
____________________________________
والنقص ومن ضرورة تعليق هذا الحكم بتوبتهم عدم ثبوته عند عدمها لأن عدمها إن كان مع إنكار الحرمة فهم مرتدون ومالهم المكسوب فى حال الردة فىء للمسلمين عند أبى حنيفة رضى الله عنه وكذا سائر أموالهم عند الشافعى وعندنا هو لورثتهم ولا شىء لهم على كل حال وإن كان مع الاعتراف بها فإن كان لهم شوكة فهم على شرف القتل لم تسلم لهم رءوسهم فكيف برءوس أموالهم وإلا فكذلك عند ابن عباس رضى الله عنهما فإنه يقول من عامل الربا يستتاب وإلا ضرب عنقه وأما عند غيره فهم محبوسون إلى أن تظهر توبتهم لا يمكنون من التصرفات أصلا فما لم يتوبوا لم يسلم لهم شىء من أموالهم بل إنما يسلم بموتهم لورثتهم (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) أى إن وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة على أن كان تامة وقرىء ذا عسرة على أنها ناقصة (فَنَظِرَةٌ) أى فالحكم نظرة أو فعليكم نظرة أو فلتكن نظرة وهى الإنظار والإمهال وقرىء فناظره أى فالمستحق ناظره أى منتظره أو فصاحب نظرته على طريق النسب وقرىء فناظره أمرا من المفاعلة أى فسامحه بالنظرة (إِلى مَيْسَرَةٍ) أى إلى يسار وقرىء بضم السين وهما لغتان كمشرقة ومشارقة وقرىء بهما مضافين بحذف التاء عند الإضافة كما فى قوله [وأخلفوك عد الأمر الذى وعدوا](وَأَنْ تَصَدَّقُوا) بحذف إحدى التاءين وقرىء بتشديد الصاد أى وأن تتصدقوا على معسرى غرمائكم بالإبراء (خَيْرٌ لَكُمْ) أى أكثر ثوابا من الإنظار أو خير مما تأخذونه لمضاعفة ثوابه ودوامه فهو ندب إلى أن يتصدقوا برءوس أموالهم كلا أو بعضا على غرمائهم المعسرين كقوله تعالى (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) وقيل المراد بالتصدق الإنظار لقوله عليهالسلام لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) جوابه محذوف أى إن كنتم تعلمون أنه خير لكم عملتموه
(وَاتَّقُوا يَوْماً) هو يوم القيامة وتنكيره للتفخيم والتهويل وتعليق الاتقاء به للمبالغة فى التحذير عما فيه من الشدائد والأهوال (تُرْجَعُونَ فِيهِ) على البناء للمفعول من الرجع وقرىء على البناء للفاعل من الرجوع والأول أدخل فى التهويل وقرىء بالياء على طريق الالتفات وقرىء تردون وكذا تصيرون (إِلَى اللهِ) لمحاسبة أعمالكم (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ) من النفوس والتعميم للمبالغة فى تهويل اليوم أى تعطى كملا (ما كَسَبَتْ) أى جزاء ما عملت من خير أو شر (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) حال من كل نفس تفيد أن المعاقبين وإن كانت عقوباتهم مؤبدة غير مظلومين فى ذلك لما أنه من قبل أنفسهم وجمع الضمير لأنه أنسب بحال الجزاء كما أن الإفراد أوفق بحال الكسب عن ابن عباس رضى الله عنهما أنها آخر آية نزل بها جبريل عليهالسلام وقال ضعها فى رأس المائتين والثمانين من البقرة وعاش رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعدها أحدا وعشرين يوما وقيل أحدا وثمانين وقيل سبعة أيام وقيل ثلاث ساعات.