(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) (١٠٨)
____________________________________
الأمر وهو تأكيد للنهى المذكور وتفصيل لما أجمل فيه إظهارا لكمال العناية بالأمر وكشفا عن وجه* بطلان ما عليه المشركون أى لا تدع (مِنْ دُونِ اللهِ) استقلالا ولا اشتراكا (ما لا يَنْفَعُكَ) إذا دعوته* بدفع مكروه أو جلب محبوب (وَلا يَضُرُّكَ) إذا تركته بسلب المحبوب دفعا أو رفعا أو بإيقاع المكروه* وتقديم النفع على الضرر غنى عن بيان السبب (فَإِنْ فَعَلْتَ) أى ما نهيت عنه من دعاء ما لا ينفع ولا يضر كنى به عنه تنويها لشأنه صلىاللهعليهوسلم وتنبيها على رفعة مكانه من أن ينسب إليه عبادة غير الله سبحانه ولو فى ضمن* الجملة الشرطية (فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) جزاء للشرط وجواب لسؤال من يسأل عن تبعة ما نهى عنه (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ) تقرير لما أورد فى حيز الصلة من سلب النفع من الأصنام وتصوير لاختصاصه* به سبحانه (فَلا كاشِفَ لَهُ) عنك كائنا من كان وما كان (إِلَّا هُوَ) وحده فيثبت عدم كشف الأصنام بالطريق البرهانى وهو بيان لعدم النفع برفع المكروه المستلزم لعدم النفع بجلب المحبوب استلزاما* ظاهرا فإن رفع المكروه أدنى مراتب النفع فإذا انتفى انتفى بالكلية (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ) تحقيق لسلب* الضرر الوارد فى حيز الصلة أى إن يرد أن يصيبك بخير (فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) الذى من جملته ما أرادك به من الخير فهو دليل على جواب الشرط لا نفس الجواب وفيه إيذان بأن فيضان الخير منه تعالى بطريق التفضل من غير استحقاق عليه سبحانه أى لا أحد يقدر على رده كائنا ما كان فيدخل فيه الأصنام دخولا أوليا وهو بيان لعدم ضرها بدفع المحبوب قبل وقوعه المستلزم لعدم ضرها برفعه أو بإيقاع المكروه استلزاما جليا ولعل ذكر الإرادة مع الخير والمس مع الضر مع تلازم الأمرين للإيذان بأن الخير مراد بالذات وأن الضر إنما يمس من يمسه لما يوجبه من الدواعى الخارجية لا بالقصد الأولى أو أريد معنى الفعلين فى كل من الضر والخير وأنه لا راد لما يريد منهما ولا مزيل لما يصيب به منهما فأوجز الكلام بأن ذكر فى أحدهما المس وفى الآخر الإرادة ليدل بما ذكر فى كل جانب على ما ترك فى الجانب الآخر على أنه قد* صرح بالإصابة حيث قيل (يُصِيبُ بِهِ) إظهارا لكمال العناية بجانب الخير كما ينبىء عنه ترك الاستثناء فيه أى يصيب بفضله الواسع المنتظم لما أرادك به من الخير وجعل الفضل عبارة عن ذلك الخير بعينه على* أن يكون من باب وضع المظهر فى موضع المضمر لما ذكر من الفائدة يأباه قوله عزوجل (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) فإن ذلك ينادى بعموم الفضل وقوله عز قائلا (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) تذييل لقوله تعالى (يُصِيبُ بِهِ) الخ مقرر لمضمونه والكل تذييل للشرطية الأخيرة محقق لمضمونها (قُلْ) مخاطبا لأولئك