(وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠) وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) (٦١)
____________________________________
وعنيد فعيل من عند عندا وعندا إذا طغا والمعنى عصوا من دعاهم إلى الهدى وأطاعوا من حداهم إلى الردى (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً) إبعادا عن الرحمة وعن كل خير أى جعلت اللعنة لازمة لهم وعبر عن ذلك بالتبعية للمبالغة فكأنها لا تفارقهم وإن ذهبوا كل مذهب بل تدور معهم حيثما داروا ولوقوعه* فى صحبة اتباعهم رؤساءهم يعنى أنهم لما اتبعوهم أتبعوا ذلك جزاء لصنيعهم جزاء وفاقا (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) أى أتبعوا يوم القيامة أيضا لعنة وهى عذاب النار المخلد حذفت لدلالة الأولى عليها وللإيذان بكون كل من اللغتين نوعا برأسه لم تجمعا فى قرن واحد بأن يقال وأتبعوا فى هذه الدنيا ويوم القيامة لعنة كما فى قوله تعالى (وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ) إيذانا باختلاف نوعى الحسنتين فإن المراد* بالحسنة الدنيوية نحو الصحة والكفاف والتوفيق للخير وبالحسنة الأخروية الثواب والرحمة (أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ) أى بربهم أو نعمة ربهم حملا له على نقيضه الذى هو الشكر أو جحدوه (أَلا بُعْداً لِعادٍ) دعاء عليهم بالهلاك مع كونهم هالكين أى هلاك تسجيلا عليهم باستحقاق الهلاك واستيجاب* الدمار وتكرير حرف التنبيه وإعادة عاد للمبالغة فى تفظيع حالهم والحث على الاعتبار بقصتهم (قَوْمِ هُودٍ) عطف بيان لعاد فائدته التمييز عن عاد الثانية عاد إرم والإيماء إلى أن استحقاقهم للبعد بسبب ما جرى بينهم وبين هود عليه الصلاة والسلام وهم قومه (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) عطف على ما سبق من قوله تعالى (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) وثمود قبيلة من العرب سموا باسم أبيهم الأكبر ثمود بن عابر بن إرم بن سام وقيل إنما سموا بذلك لقلة مائهم من الثمد وهو الماء القليل وصالح عليه الصلاة والسلام هو ابن عبيد بن أسف بن ماشج بن عبيد بن جادر بن ثمود ولما كان الإخبار بإرساله إليهم مظنة لأن يسأل ويقال ماذا قال* لهم قيل جوابا عنه بطريق الاستئناف (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) أى وحده وعلل ذلك بقوله (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) ثم زيد فيما يبعثهم على الإيمان والتوحيد ويحثهم على زيادة الإخلاص فيه بقوله (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أى هو كونكم وخلقكم منها لا غيره قصر قلب أو قصر إفراد فإن خلق آدم عليه الصلاة والسلام منها خلق لجميع أفراد البشر منها لما مر مرارا من أن خلقته عليه الصلاة والسلام لم تكن مقصورة على نفسه بل كانت أنموذجا منطويا على خلق جميع ذرياته التى ستوجد إلى يوم القيامة انطواء إجماليا وقيل إن خلق آدم عليه الصلاة والسلام وإنشاء مواد النطف التى منها خلق نسله من التراب إنشاء لجميع الخلق من الأرض فتدبر (وَاسْتَعْمَرَكُمْ) من العمر أى عمركم واستبقاكم (فِيها) أو من العمارة أى