(قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١٥)
____________________________________
(قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) أى والحال أنا جماعة كثيرة جديرة بأن يعصب بنا الأمور العظام* وتكفى الخطوب بآرائنا وتدبيراتنا واللام الداخلة على الشرط موطئة للقسم وقوله (إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ) جواب مجزىء عن الجزاء أى لهالكون ضعفا وخورا وعجزا أو مستحقون للهلاك إذ لا غناء عندنا ولا جدوى فى حياتنا أو مستحقون لأن يدعى علينا بالخسار والدمار ويقال خسرهم الله تعالى ودمرهم حيث أكل الذئب بعضهم وهم حضور وقيل إن لم نقدر على حفظه وهو أعز شىء عندنا فقد هلكت مواشينا إذن وخسرناها وإنما اقتصروا على جواب خوف يعقوب عليهالسلام من أكل الذئب لأنه السبب القوى فى المنع دون الحزن لقصر مدته بناء على أنهم يأتون به عن قريب (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا) أى* أزمعوا (أَنْ يَجْعَلُوهُ) مفعول لأجمعوا يقال أجمع الأمر ومنه فأجمعوا أمركم ولا يستعمل ذلك إلا فى* الأفعال التى قويت الدواعى إلى فعلها (فِي غَيابَتِ الْجُبِّ) قيل هى بئر بأرض الأردن وقيل بين مصر ومدين وقيل على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب عليهالسلام بكنعان التى هى من نواحى الأردن كما أن مدين كذلك وأما ما يقال من أنها بئر بيت المقدس فيرده التعليل بالتقاط السيارة ومجيئهم أباهم عشاء ذلك اليوم فإن بين منزل يعقوب عليهالسلام وبين بيت المقدس مراحل وجواب لما محذوف إيذانا بظهوره وإشعارا بأن تفصيله مما لا يحويه فلك العبارة ومجمله فعلوا به من الأذية ما فعلوا. يروى أنهم لما برزوا إلى الصحراء أخذوا يؤذونه ويضربونه حتى كادوا يقتلونه فجعل يصيح ويستغيث فقال يهوذا أما عاهدتمونى أن لا تقتلوه فأتوا به إلى البئر فتعلق بثيابهم فنزعوها من يديه فدلوه فيها فتعلق بشفيرها فربطوا يديه ونزعوا قميصه لما عزموا عليه من تلطيخه بالدم احتيالا لأبيه فقال يا إخوتاه ردوا على قميصى أنوارى به فقالوا ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا تؤنسك فدلوه فيها فلما بلغ نصفها ألقوه ليموت وكان فى البئر ماء فسقط فيه ثم أوى إلى صخرة فقام عليها وهو يبكى فنادوه وظن أنها رحمة أدركتهم فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه فمنعهم يهوذا وكان يأتيه بالطعام كل يوم ويروى أن إبراهيم عليهالسلام حين ألقى فى النار وجرد عن ثيابه أتاه جبريل عليهالسلام بقميص من حرير الجنة فألبسه إياه فدفعه إبراهيم إلى إسحق وإسحق إلى يعقوب فجعله يعقوب فى تميمة وعلقها فى عنق يوسف فجاءه جبريل عليه* السلام فأخرجه من التميمة فألبسه إياه (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) عند ذلك تبشيرا له بما يئول إليه أمره وإزالة لوحشته وإيناسا له قيل كان ذلك قبل إدراكه كما أوحى إلى يحيى وعيسى وقيل كان إذ ذاك مدركا قال* الحسن رضى الله عنه كان له سبع عشرة سنة (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا) أى لتتخلصن مما أنت فيه من* والحال وضيق المجال ولتحدثن إخوتك بما فعلوا بك (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بأنك يوسف لتباين حاليك